لماذا قياس البطالة غير صالح؟
يذكر مركز الإحصاءات الوطني أن نسبة البطالة تصل إلى 12 في المائة، ولكن هذا الرقم لا يؤخذ جديا في الكثير من الدوائر الاقتصادية وغير الاقتصادية. السبب الرئيس أن الفجوة كبيرة جداً بين نسبة المشاركة في العمل من القادرين (طاقة المجتمع البشرية) وبين المشاركين في سوق العمل، وهذا يشمل (العاملين والعاطلين). كلما ازدادت الفجوة بين القادرين والمشاركين، كانت نسبة البطالة أقل أهمية كمعيار اقتصادي والعكس صحيح. بل إن نسبة البطالة تصبح رقما خادعا.
نظرا لكبر الفجوة في المملكة الأحرى بنا العمل على زيادة نسبة المشاركة وليس الحديث عن نسبة البطالة كمعيار اقتصادي لحين الوصول إلى أن تكون نسبة المشاركة مقبولة قياسا إلى الدول الناجحة.
على الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة ممثلة في وزارة العمل لإشراك النساء في سوق العمل، إلا أن اقتصاد المملكة ما زال ينفرد بقلة نسبة مشاركة المواطنين وخاصة النساء في سوق العمل. نظام نطاقات جَرَّ الكثير من المؤسسات الخاصة لدرجة من التوظيف الوهمي لتحقيق الحصص المطلوبة، ولكن مساهمته الإيجابية جاءت من خلال زيادة نسبة المشاركة أكبر منها في تقليل البطالة (طبعا هناك تطابق في أغلب الأحيان)، ولكن الأهم هو الاعتبار الاقتصادي على حساب الاعتبارات التنظيمية لتحقيق حصص معينة. كما أن قلة المشاركة لا تقتصر على النساء فقط.
العازفون عن العمل أو العاملون الذين يعملون بأقل من طاقاتهم اختياريا (بسبب قلة الأجور هيكليا وتقصير مؤسسات التعليم والتدريب).
هنالك منافسة غير الواقعية من الحكومة (بسبب رغبة الحكومة في توظيف الكثير دون حاجة إليهم) ومن سياسة الاستقدام للمملكة تحت مسمى تكبير القطاع الخاص.
التكبير كان اصطناعيا بسبب قلة دور المواطن من ناحية (الرغبة في وظيفة حكومية دون مستوى مساءلة عال) وضغط قطاع الأعمال من ناحية أخرى. الوجه الآخر للتكبير يتم دون تفعيل الطاقة البشرية بسبب ارتفاع المصروفات الحكومية وضعف الإنتاجية ومحدودية كفاءة الأجهزة الحكومية. هذا التكبير جعل اقتصاد المملكة في حالة فريدة، ولكنها لا تخدم الاقتصاد الوطني في المديين المتوسط والبعيد، فالاقتصاد الوطني كبير ولكنه فضفاض دون عمق فني أو إنتاجية مقبولة. محاولة قياس البطالة في هذا الوسط الاقتصادي أقرب إلى الشكلية منها إلى معيار اقتصادي يحاكي واقعنا. تحديد معالم الطاقة البشرية الممكنة إحصائيا ومعلوماتيا هو الخطوة الأولى لمعرفة وتحديد معايير اقتصادية مناسبة لقياس البطالة. لا يمكن أن نأخذ بمعايير البطالة؛ لأن الآخرين يأخذون بها قبل تفهم حالتنا. الأحرى أن تهتم المؤسسات الحكومية ذات العلاقة مثل وزارة الاقتصاد والتخطيط ومركز الإحصاءات العامة ووزارة العمل ووزارة المالية والمجلس الاقتصادي الأعلى بهذا الشأن لمعرفة رأس المال البشري قبل قياس العاطل منه.