في الآبار المهملة.. على من تقع المسؤولية؟

تكرر سقوط الأطفال في الآبار المهملة بدرجة ملحوظة، فبين الحين والآخر تنقل وسائل الإعلام مأساة جديدة في شرق المملكة أو غربها! وفي كل حالة، ونتيجة الارتباك الشديد، أشعر وكأنها تحدث لأول مرة! فالجهات المسؤولة لم تعمل شيئاً يُذكر بشأن التوعية بخطورتها أو اتخاذ خطوات جادة لردم المهمل منها، وكذلك الدفاع المدني لم يتعلم شيئاً مفيداً، ولم يكتسب خبرة تُذكر، بل يُكرر قلة حيلته، ويُثبت ضعف خبرته، ويُظهر تخبطه وعشوائية تحركاته!.
التساؤلات التي تطرح نفسها بإلحاح، لماذا تبقى هذه الآبار المهمة مكشوفة في المزارع وبالقرب من المساكن؟! ومن المسؤول عن ضحايا الحوادث التي تقع فيها؟! ولماذا لا يتحمل صاحب البئر المهملة مسؤولية إهماله سواء السجن أو دفع الدية؟! ثم إلى متى سيبقى الدفاع المدني مهملاً دون وجود فرق متخصصة في أنواع الكوارث المختلفة؟!
بالرجوع للمراجع الدينية، أسوق لكم التالي: "ذكر الإمام أحمد، والبزار، وغيرُهما، أن قوماً احتفروا بئراً في اليمن، فسقط فيها رجلٌ، فتعلَّق بآخر، الثانى بالثالث، والثالث بالرابع، فسقطُوا جميعاً، فماتُوا، فارتفع أولياؤُهم إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه، فقال: اجمعُوا مَنْ حفر البئرَ مِن النَّاسِ، وقضى للأول بُربع الدية، لأنه هلك فوقَه ثلاثة، وللثانى بُثلثها لأنه هلك فوقه اثنان، وللثالث بنصفها لأنه هلك فوقَه واحد، وللرابع بالدية تامة".
لقد حان الوقت لإيجاد حلول سريعة وحاسمة حفاظاً على حياة أطفالنا الأبرياء. فلا بد من تشكيل لجنة أو قسم في الدفاع المدني يُعنى بتحديد هذه الآبار من خلال مرئيات الأقمار الصناعية أو العمل الميداني، والتواصل مع أصحابها لإلزامهم بردمها خلال مدة محددة أو تحمل تبعات ما تُسببه من أذى أو ضرر للآخرين سواء كانوا من أسرة صاحب البئر أو من غيرها.
وما دام الدفاع المدني طرفاً في الموضوع، فأجدها فرصة للقول بأنه على الرغم من التحسن الكبير الذي شهده قطاع الدفاع المدني، فإنه لا يزال في حاجة ماسة إلى تقويم دوري مستمر، وتحسين دائم، سواء بالنسبة لمهارات وجاهزية رجال الدفاع المدني، أو تحديث الأجهزة والمعدات المستخدمة في إنقاذ الضحايا، وتدريب فرق متخصصة في أنواع محددة من الكوارث، أو تبني أفكار وابتكارات جديدة.
أختتم بالقول إنني دائماً أتمنى كلما أسمع عن إعلان المملكة إرسال دعم للمساعدة في إنقاذ ضحايا كارثة طبيعية خارج المملكة كالحرائق والزلازل ونحوها، أتمنى ألا يُكتفى بالمال والمعونات العينية فقط، بل تكون هناك مشاركة كبيرة وفاعلة من قبل رجال الدفاع المدني، لكي يكون لهم شرف المشاركة في إنقاذ الضحايا من جهة، ويكتسبوا الخبرة الدولية المتنوعة من خلال الاحتكاك بفرق الدفاع المدني من دول كثيرة من جهة أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي