أنت.. إن الصينَ تدورُ في دمك (1 من 2)

يسألني الصديق المهندس أحمد الساعدي: هل تتوقع أن تحكم الصين الأرض مزيحة الولايات المتحدة، وكيف سيكون حالنا لو صار حكم الصين حقيقة؟".
إن ذلك لقريبٌ جداً يا أحمد.
إن التنين الأحمر فتح فمه الكبير ونفث النار على كل اقتصاد الأرض، لم يبق ولا نقطة أرض لم تصلها نفثاته. في العام هذا 2014 سنكون نحن سكان الأرض بدأنا تدريجياً نسير تحت حكم الإمبراطورية الصينية العظمى، مزيحةً "إمبراطورية الكوكا كولا الإمبريالية"، كما كان يحلو للأرجنتيني "تشي غيفارا" أن يقول، ويقصد هيمنة الولايات المتحدة على العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
هل هذا يعني انتهاء القطب القوي الوحيد، بقطبٍ وحيدٍ آخر؟ هذا ما قد يبدو في اطراد النمو الهائل للصين، ليس فقط اقتصادياً وصناعياً ومالياً، بل حتى فكراً وأدباً ومسرحاً، إن المسرحَ الصيني هو المُتابَع رقم واحد في الشرق البعيد، خصوصاً العدوة اللدود اليابان. على أن الأمرَ لن يكون حدّياً واضحاً، فمن المستحيل في عالم الاقتصاد والسياسة ألا تختلط الصور بتداخل الألوان.
قرأت كتاباً عن الصين منذ سنتين، مجلد ضخم، كتبت عنه في مقال، وما وضعته إلا وأنا أرتعش خوفاً؛ قال الكتابُ المرجعي الدقيق "إن الصينَ قريبا ستدور في دمائك يا مَن تقرأ هذه الكلمات". حاولت أمريكا بكل مولداتها المعلوماتية والعلمية الهائلة أن تحد من زحف التنين الهائل، وما استطاعت، بل أصيبت بضربات على أم رأسها كشفت ضعف هيكل إدارتها السياسية والاقتصادية، بانهيار البنوك، وما سُمي بالإقفال العظيم، حينما قررت كتل في الكونجرس أن يُعَطَّل كل ترسٍ في أمريكا، وحصل. ووقع أعجب إخفاقٍ لم يتوقعه أحد، وهو أن تعلن مدينة "ديترويت"، قلب صناعة السيارات في العالم، الإفلاسَ التام، وصارت تشحذُ لقمتها.
إن ترنح أمريكا الديمقراطية، واهتزازات اقتصادية وسياسية ضربت عظم أوروبا، وغرق اليابان في وحل المصارف الذي لم تستطع أن تنتشل نفسها منه رغم كل شموخها التقني فرشت الطريقَ سهلاً للتنين الممتلئ طاقة وسيولة ومرونة في القرار أن يشتهي التهام العالم.. ليس التهاماً لتعطيله، بل التهام ليكون العالمُ وقوداً لقوة الصين وتفوقها، وهنا عبقرية الأداء والإدارة.
ينبع سؤالٌ كبير هنا، هل تفوق الحزبُ الفردي على الديمقراطية الغربية العريقة؟ فحيث غرقت أمريكا وأوروبا بأسلوبها المتعدّد القرارات الذي تتطلبه الديمقراطية صعُب اتخاذ أي قرارٍ مؤثر، في الصين القرار يُؤخذ من جهةٍ واحدةٍ في التوِّ واللحظة. هل الحكم الحزبي أو الفردي أفضل من الديمقراطية؟ لا أقول ذلك، وسأفرد مقالاً حوله.
ولكن كيف ستحكمنا الصين؟ بالغد - بإذن الله - أقول لكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي