قصة تشاك فريني

تشاك فريني أحد أعظم رجال الأعمال الذين مروا على تاريخ الولايات المتحدة، إلا أن قصة تشاك تبعث على الدهشة والتفكر في هذا الرجل النادر.. غير الاعتيادي في قصة هذا الرجل ليس تحقيقه للثراء والنجاح في فترة وجيزة، بل طريقة تفكيره التي دفعته لفعل المعجزات السياسية والإنسانية في أيرلندا، مسقط رأس والده.
ولد تشاك فريني في ولاية نيوجرسي لأبوين أيرلنديين عام 1931م، في قعر الكساد الكبير الذي عم الولايات المتحدة والعالم في عام 1929م. إلا أن تشاك كان يحمل الجنسية الأيرلندية إضافة إلى جنسيته الأمريكية، ودرس في مدارس نيوجرسي، حتى التحق بالجيش الأمريكي إبان الحرب الكورية، فعمل كمشغل راديو إرسال، حتى تم تسريحه من الجيش. بعدها، عمل مع مجموعة من أصدقائه كبائعين للبضائع المعفية من الضرائب في بعض الموانئ كاليونان، فكانوا يبيعون السجائر والكحول على المسافرين، وكانوا يرسمون خط البيع بالتوازي مع مسار بواخر الجيش الأمريكي، حتى يستفيدوا من البيع على الجنود.
إلا أن نجاح تشاك بدأ مع بدء افتتاح متاجر المطارات المعفية من الضرائب، فبدأ باستئجار المتجر المعفي من الضرائب في مطار هنولولو في هاواي، وقد استفاد كثيرا في تصدير بعض البضائع لليابان نظرا لفارق السعر الهائل بين البلدين، فما يباع بدولار في اليابان، يباع بعشرة سنتات في الولايات المتحدة. بدأ النجاح يحالف تشاك، وبدأت سلسلة متاجره بالتوسع، حتى بلغ عدد موظفيه أكثر من 6000 موظف في نهاية الستينيات الميلادية، ينتشرون في أربع قارات، وبلغت مبيعات شركته المعروفة باسم DFS 3 مليارات الدولارات، وبأرباح تجاوزت المائة مليون دولار.
انخرط تشاك في عالم الأعمال ورجال الأعمال، إلا أن الرجل كان تائها في هذا العالم، فبين الحفلات والمناسبات الرسمية، أحس بأنه لا ينتمي لهذا العالم، وبأنه يحمل رسالة وهدفا أسمى من أن يكون مليارديرا ناجحا. بعد طول تفكير، اتصل بمحاميه ذات نهار ليخبره بأنه قرر تأسيس منظمة خيرية وبأنه سيحول كل أملاكه لهذه المنظمة، علما بأن الرجل كان في بداية العقد السادس من عمره، فأخبره المحامي بأنه بعد التوقيع على الأوراق الرسمية لتحويل ملكية الشركة لن يستطيع العودة عن قراره، فرد عليه بأن قراره نهائي ولا رجعة فيه. منذ ذلك الوقت، يلقب تشاك ''بالملياردير الذي يحاول أن يفلس''. بدأ تشاك أعمال منظمته ببناء جامعة في وطنه الأم أيرلندا، وله يعود الفضل في النهضة بالتعليم هناك، ثم توسعت أعمال منظمته لتشمل شرق آسيا وإفريقيا وبعض دول أوروبا الشرقية. إلا أن رغبة تشاك وإصراره على عمل الخير دفعاه للدخول بوساطة بين حكومة بريطانيا والأيرلنديين الانفصاليين، حتى أقنع الرئيس كلنتون بزيارة أيرلندا، كما أسهم في الوصول للاتفاق بين الطرفين لإنهاء حالة العنف.
تقول ابنة تشاك إن أباها حزين لأنه لن يستطيع رؤية نتائج بعض أعماله الخيرية. ما يزال تشاك حيا يرزق وما زال يسافر من بلد إلى آخر لنشر السعادة على وجوه الناس، أو كما يقول هو: إن البسمة التي يراها على وجوه الناس هي ثروته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي