مثالية زائفة
من حسنات موقع التواصل الاجتماعي ''تويتر'' الكثيرة علينا تقريبه بعضنا البعض فكريا، حتى أنه جعلنا نصدق أننا نعيش في بيت واحد من غير رسميات كانت هي سمة المجتمع في كل ماضي سنواته، ومع مرور الوقت تحولنا تلقائيا إلى العيش فيه كواقع، ومنه عرفنا أن نسبة لا يستهان بها في المجتمع تعاني عدم تصديق كل من يختلف معها في رأي أو توجه أو حتى ميول. أول خطوات احتجاجهم عليك هي الدخول في نواياك والبدء في اتخاذ سياسة ''قابل الصوت بالصوت''. حتى مع هذه الزحمة تختفي لغة الحوار والنقاش التي هي الحل الوحيد لا ينفع غيرها إلا إذا كان هناك من يعجبه الاستمرار في هذا الضياع من تكريس ثقافة التخوين و التشكيك وقراءة النوايا وقبلها توجيه الاتهام لكل من يختلف معك بتمثيل دور المثالية الزائفة لا أكثر!.
وحتى أكون أكثر وضوحا، من يتابع وسطنا الرياضي يعرف أنه وصل إلى مرحلة الاشتعال فلا أحد يستطيع أن يختلف عن آراء من يشترك معه في الميول وإلا يصبح ممن يشك في أمرهم، ومن أكثر الأشياء التي ساعدنا ''العم تويتر'' في كشفها هي أن الأندية تدار ''بدستور'' كما تدار فيها الأحزاب المتخذة من سياسة ''معاهم معاهم، عليهم عليهم'' وبسبب ذلك تم الانقسام على أن تشجيع فريقك يستمر معك في الدفاع عنه سواء كان ظالما أو مظلوما وهاجم خصمك في كل أحواله، وهنا لا يمكن لمتابع فحيص أن ينكر أن هذا واقعنا في غالبه أو على الأقل هو الصوت الأعلى!.
أتفهَّم أن كل ما يحصل هو نتاج سنوات من عدم وجود ما يشغل المجتمع غير أنديتهم، وأعلم أن كل ذلك لم يكن ليحصل لولا مساهمة بعض الإعلام في تكريس هذه الثقافة، ولكن يجب أن يكون هناك تدخل بتغيير هذا المسار الذي يرسل لنا تحذيراته بأن قادمه ليس مشرقا، هناك من يعاني هذا الواقع ويسعى إلى جعله أكثر هدوءا لإيمانه أن ما يحصل عندنا ليس تعصبا بل تعداه إلى ضرر الآخرين والمختلفين معك. هنا يجب أن تكون لحرية المجتمع حدود حتى يحصلوا على مساحتهم من الاختلاف من غير تشكيك واتهام!.