متى نحترم نساءنا ونوليهن الثقة
متى نحترم نساءنا ونوليهن الثقة
أريد أن أستعرض هنا تجربة مررت بها حديثاً أثناء عبوري جسر الملك فهد إلى مملكة البحرين الشقيقة وأرجو أن لا ينظر إلى تجربتي المريرة والتي أعتبرها مهينة لي ولبنات جنسي بأنها فردية وإنما هي ممارسة تطبقها أنظمتنا وبعض أفراد مجتمعنا على جميع النساء في المملكة. الذي سوف أورده ليس إلا مثالاً واحداً من أمثلة كثيرة تدل على عدم الثقة والاحترام للعنصر النسائي.
اولاً اريد أن يعرف القارئ والمسؤولون أنني إمرأة قد تجاوزت الخامسة والستين من عمري وبرفتي إمرأة تماثلني سناً. كنا في طريقنا إلى البحرين لإنجاز عمل له علاقة بترتيبات زواج إبني الأصغر.
تفاجأنا عند الوصول إلى موضف الجوازات بأنه غير مسموح لنا بالخروج لعدم وجود تصريح من ولي الأمر. ذكرت لموظف الجوازات با أنني قد غادرت من منافذ الخروج عشرات المرات خلال السنوات الأربع الماضية بدون تصريح بسبب كبر سني وكان رده أن "هذا ما عمره صار" وأصر على عدم السماح لي ولمرافقتي بالعبور ثم لجأت إلى المدير المناوب وتوسلت إليه بأني على موعد مهم ولكنه لم يعرنا أي اهتمام كأن ليس لنا وجود ولم يحاول حتى من باب حسن الخلق أن يشرح لنا أن السماح لسيدات في مثل سننا بالعبور ليس من صلاحياته إذا كان القرار فعلاً فوق صلاحياته وأن هناك قراراً جديداً يمنع عبور السيدات بدون تصريح بصرف النظر عن أعمارهن ثم خرج ونحن في مكتبة لا نعلم هل سيصرح لنا بالعبور أم لا. بحثنا عنه لنعرف قراره النهائي فلم نجده واضطررنا للعودة من حيث أتينا.
أتيت بالمقدمة عن تجربتي أعلاه كمثال عل الكثير من السياسات المتبعة الخاصة بمعاملة المرأة تدل على عدم الثقة والاحترام لعنصر النساء. هناك مواقف كثيرة تجعلني أشعر بأن المرأة في بلدي تعتبر غير قادرة عقلياً على اتخاذ القرار الصحيح وغير مؤهلة لحماية نفسها من المخاطر. ما لقيته من معاملة على جسر الملك فهد جعلني أشعر أن ليس لي قيمة. كانت هناك حشرة حاولنا إخراجها من السيارة قبل وصولنا للجسر دون أن نفلح وحين توقفنا عند الجوازات خرجت الحشرة بكل كرامتها. حينها شعرت بأن الحشرة أحسن مني.
أعرف أن ما تعرضت له لم يكن موجهاً لي شخصياً وإنما ينطبق على جميع بنات جلدتي وهنا أتساءل: متى تعامل المرأة الناضجة في بلدي كإنسان عاقل تساوي الرجل في رجاحة عقلها ومقدرتها على حماية نفسها. متى يشعر مجتمعي وتشعر قوانين بلدي بأن المرأة لها كرامة وغيرة على نفسها لا تساوم عليها إللا ما ندر وإذا بدى من إحداهن ما يدل على أنها غير أهل للثقة، وهذا نادر جداً، فلتعاقب من خانت الثقة بدلاً من إهانة الكثرة الساحقة من العاقلات الشريفات الحريصات على التمسك بكل ما يصون كرامتهن. في كثير من الأمور قوانينا تعطي الحق لشاب في سن المراهقة أو لا يكاد يتجاوزها أن يقرر السماح أو عدمه لوالدته الستينية فهل هذا معقول؟ الأولى أن تكون الأم هي الوصية على الشاب الذي لم ينضج بعد وقد يتصرف تصرفات طائشة لو ترك له الحبل على الغارب.