عشم وملح .. وسنين !!

عشم وملح .. وسنين !!

عشم وملح .. وسنين !!

يقولون أن المباني كالناس تشتاق وتهرم وتشيخ... إلا هذا المبنى فأنا أبوح له بالشوق كل صباح..
واستودع الحنين عنده وأنا مغادرة ...
من عند عتبة البوابة الرئيسية أردد كما أوصتني أمي رحمها الله "رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ". الآية ،
في كل دخول أتحالف مع بصمة أصبعي لتشهد على لواعج قلبي ...وابصم في جهاز حضور وغياب يقرّ أني حضرت وانا ماغبت ابداً عن روح المكان ،،

مرت ٢٠ عاماً بالتمام والكمال ... من ايامي ووقتي واختيار البقاء هنا ... وعدم الرحيل مهما تنكر أهل المكان للباقين .. ومهما حاول البعض طمس انجاز الباقين ...
حكايتي أني منذ البداية لم أعتبر المبنى مجرد مبنى لأني في كل يوم لي معه حكاية...
فأنا أحن الى جدرانه كالطفلة في حضن أمها...
ولي في الطوابق والممرات ذكريات وضحكات...
وفي كل ركن خطوات نضج وتجارب وخبرات ..
فقد بكيت وضحكت ... حلمتُ وحققت ... تمنيت وصنعت ...
نجحت وفشلت ... كنت وماكنت...

تعلمت فيه على يد سيدات فضليات ورجال (فطاحل) وتشربت منهم صنعة الإدارة قطرة قطرة...
رحلت وجوههم .. لكنهم تركوا ورائهم ما ينتفع به الى يوم الدين ..

وهاهي الجدران كعادتها تشتكي لي الحال وتصدح بالمقال ..
بوحهامعاناة من بيروقراطية مقيتة وانتظار قرارات واستجداء اهتمام ..
قالت؛ ماعدتُ أقوى على المزيد وأعياني تجاهل أحبابي لي،،
قولوا للمسؤول ... علّهُ بحال "من وُسّد أمانة القيام على شؤونه"... لا يعلم...

حالي كحال أغلب مباني الدوائر الحكومية ..
ترهل وتكدس وعدم استغلال للمساحات وانعدام الناحية الجمالية .. لكن الايجابيات الجميلة عندي أني ولله الحمد يُعتنى بنظافتي دوماً، وجميع الممرات باردة ومكيفة ...

أما الباقي فبعد الاستعانة بالله أسرد لكم القائمة....
- المصعد معطل منذ شهر بينما يرتاد المبنى ذو الخمسة ادوار مايربو على ١٢٠٠ شخص يومياً مابين موظفات ومراجعات وزائرات!!
- الطفايات منتهية الصلاحية وبانتظار اعتماد مبلغ ميزانية جديد لتعبئتها!؟
- مدخل السيدات من الباب الخلفي للمبنى ولا يوجد مصعد من الطابق الأرضي إنما يبدأ من الدور الأول في مبنى يدير منه السيدات قطاع التربية والتعليم للبنات بمحافظة جدة ؟
- الإدارة تشرف على قطاع التربية الخاصة وليس هناك مرافق ولا مصاعد مهيأة للاستقبال والتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة؟!
- لا وجود لمكان لائق لاستراحة اولياء الامور والمراجعين والسائقين خارج مبنى الإدارة !!
- المبنى بدون مواقف للسائقين والمساحات البسيطة مكبلة بسياج وأعمدة خرسانية !
- المبنى ٥ أدوار بدون كافتيريا او مكان استراحة او حديقة داخلية !!
- دورات المياه ليست على المستوى المطلوب!!
- النوافذ مغطاة بشبك خشبي ولا وجود لخطة اخلاء يتم تدريب جميع الموظفات عليها دورياً في حالة الطواريء لاسمح الله!!
- تقوم الموظفات بدفع رواتب المستخدمات للقيام بالمراسلات بحجة نقص المعينات على الدولة؟!

الغيض من الفيض
فإلى ذلك المسؤول الذي يحمل قراراته وارادته كالسيف في غمد واعد ...
لو كنت مكانك لزرت المبنى آخر الليل متخفياً بلثامي دون "شلة"المهللين والمطبلين...
ولوقفت على النقص والمطلوب والمأمول ...
ولحاولت صنع النقلة النوعية في بيئة عمل أكل عليها الدهر وشرب ،
بينما يُنتظر ممن يعملون فيها شيء يسمونه الابداااااع !!

ايها المبنى الصامد ...
أفتقد مجدك...وافتقد قامات شامخة تدرجت فيك...
واستودع جدرانك ذكرياتي ..
وأرجوك أن ترأف بأمنياتي ...
وان تتقبل لوم المراجعات والموظفات وسخطهم بصدر رحب..
فبيننا عشم ..وملح وسنين..
علّ وعسى تتحقق على يد القوي الأمين بعض الأمنيات،،
فطوبى لك وسامحنا على تلال التقصير...
اعلم أنك مشتاقٌ مثلي وبك لوعةٌ ...
لكن مثلك هذه الأيام لا بد أن يذاع لهُ ... سرُّ ...

الأكثر قراءة