هؤلاء يستحقون الاهتمام
قال لي صديق قبل أسابيع، إن إنشاء أي عمل تجاري لأي شاب سعودي مهمة مستحيلة، ساردا أسبابا عدة بدا بعضها وجيها والبعض الآخر مجرد أوهام لا تدور إلا في عقولنا نحن كسعوديين تعودنا على حب الوظيفة حد الموت. المهم أن هذا الصديق أنهى حديثه بقوله (السستم يا سيدي السستم). ولو تجاوزنا النتيجة التي وصل إليها صديقي المتشائم، وأردنا أن نغور بين الأسباب التي تدفع الشاب السعودي للبحث عن وظيفة يمضي فيها بقية عمره، بدلا من أن يكون صاحب عمل، سنصل إلى أن واقع حاضنات الأعمال السعودية مؤلم للغاية.
خصصت الدولة قبل سنوات 30 مليار ريال لتمويل برامج بنك التسليف والادخار، ومن ضمن هذه البرامج تمويل المنشآت الصغيرة والمتناهية في الصغر، البنك بدوره، ألقى بهذه المسؤولية على عاتق برامج أخرى كثيرة، ومع ذلك، فإننا نرى الأثر المحدود الذي لعبه البنك في خلق بيئة محفزة لرواد الأعمال من الشباب السعودي لأمرين مهمين.
الأمر الأول، ما زال البنك يعمل كدائرة حكومية تعمل بشكل بيروقراطي بحت، لا يتناسب مع الأهداف التي دعت الدولة لضخ مليارات الريالات فيه، ولو قامت إدارة البنك بجردة حساب بسيطة، ستكتشف أن نسبة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لبقية أنواع القروض تكاد لا تذكر، مع أن شريحة رواد الأعمال هي الفئة التي تسهم في التأثير في الاقتصاد السعودي بشكل إيجابي عكس فئة القروض الاستهلاكية. إن طريقة العمل داخل بنك التسليف تعتمد على موظفين هم أبعد ما يكونون عن بيئة ريادة الأعمال وهمومها، المهم لديهم استيفاء الشروط والمتطلبات، بغض النظر عن قدرات المتقدم واحتياجاته.
الأمر الثاني المهم، هو أن الحاصل على القرض، لا يتلقى أي دعم من البنك في إدارة مشروعه أو مواجهة السوق، أو أي تسهيلات تمهد له الطريق للنجاح. إن الأهم من تمويل رواد الأعمال هو الحرص على نجاحهم بعد التمويل، وتجاوزهم الصعوبات الإدارية والسوقية عبر التدريب والمتابعة الاحترافية، ما سيزيد من احتمالية نجاح هذا الشاب ليسدد قرضه، ويوظف أيدي عاملة وطنية.
بلغ حجم الاستثمار في المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر أكثر من 300 مليار ريال خلال العام الماضي، وتمثل هذه المنشآت أكثر من 30 في المائة من حجم الإنتاج القومي للمملكة، فهل هناك من يعطي هؤلاء حقهم من الاهتمام؟