نجران أرض الفرص اللامحدودة
تشرفت بحضور فعاليات منتدى الاستثمار الثاني في نجران، الذي أقيم برعاية الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير المنطقة خلال الفترة من السابع إلى التاسع من أيلول (سبتمبر) 2013، تحت شعار ''نجران أرض الفرص اللامحدودة''.
المنتدى في نسخته الثانية كشف عن العديد من الفرص الاستثمارية اللامحدودة التي تتمتع بها منطقة نجران، ولا سيما أنها تتربع على إرث تاريخي متميز باعتبارها من بين أقدم الحضارات التاريخية على مستوى الجزيرة العربية، التي تمتد أصول حضارتها إلى العصور الحجرية، الأمر الذي أكد عليه الباحثون عندما عثروا فيها على آثار حضارة إنسانية تعود إلى أكثر من 25 ألف عام، وعثورهم أيضاً على أثر لبحيرات قديمة جداً تلاشت في العصر الحالي، مما يدل على أن المنطقة التي تعد بوابة الربع الخالي وتقع في أحضانها، كانت ولا تزال لها أهمية تاريخية في العديد من مناحي الحياة، التي تأتي في مقدمتها وعلى رأسها الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
دون أدنى مجاملة قد وفق منظمو المنتدى في اختيارهم لشعار المنتدى ''نجران أرض الفرص اللامحدودة'' باعتباره يعكس حقيقة المنطقة والزخم الهائل من الفرص الاستثمارية المتوافرة فيها، حيث على سبيل المثال لا الحصر، تتمتع المنطقة بوفرة الموارد الطبيعية وبمقومات سياحية وتجارية وتعدينية كبيرة، يمكن تسخيرها واستغلالها لإقامة مشاريع استثمارية عملاقة، لتسهم وبفاعلية تامة في توفير فرص عمل لأبناء المنطقة والحد من الهجرة العكسية للمدن الرئيسة بحثاً عن مصدر للرزق. على سبيل المثال لا الحصر، وعلى الجانب الزراعي بالتحديد، فإن المنطقة تمتلك أراضي مخصصة للزراعة تقدر مساحتها بنحو 102 ألف هكتار، كما أنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن إنتاج نحو 25 في المائة من محصول الحمضيات في السعودية بمختلف أنواعها التي تشمل على سبيل المثال البرتقال، واليوسفي، والليمون، والمانجو، والأفوكادو، والجريب فروت وعلى مساحة تقدر بأكثر من خمسة آلاف هكتار.
وتتميز المنطقة أيضاً بوجود فرص تعدينية كبيرة بأنواعها الفلزية واللافلزية، حيث بلغ عدد الرخص التعدينية التي منحتها المنطقة للمستثمرين 78 رخصة، إضافة إلى أن المنطقة تتميز بوجود فرص عديدة لإقامة وإنشاء صناعات تحويلية، حيث يوجد في نجران أكثر من 20 مصنعا، تتمثل في البناء والمواد الكيماوية والبلاستيكية والمعدنية، والمواد الغذائية.
على الرغم من الفرص الاستثمارية اللامحدودة المتوافرة في شتى مجالات الحياة في منطقة نجران، والمقومات الاقتصادية والاستثمارية العديدة التي تمتلكها المنطقة، إذ تشير التقديرات إلى أن معدل النمو الاقتصادي السنوي للمنطقة بلغ نحو 8.2 في المائة، والذي يفوق معدل النمو السكاني الذي بلغ نحو 3.4 في المائة، إلا أن استغلال هذه الفرص لا يزال محدوداً للغاية ولا يعكس بأي حال من الأحوال طموح المنطقة وأبنائها، الأمر الذي أكدت عليه أوراق العمل التي قدمت في المنتدى، لا سيما حين النظر على سبيل المثال إلى أهمية الصناعة بالنسبة لاقتصاد المنطقة التي لا تزال تمثل نسبة متواضعة جداً لا تتجاوز 7 في المائة، كما أن مساهمة قطاعي الزراعة والتعدين لا تزال متواضعة في اقتصاد المنطقة والتي بلغت نحو 6 في المائة لكل منهما، هذا إضافة إلى أن مساهمة اقتصاد المنطقة في اقتصاد المملكة لا تزال تعد ضعيفة، حيث لا تتجاوز 1.2 في المائة.
إن النهوض باقتصاد منطقة نجران، يتطلب وضع استراتيجية تنموية شاملة للمنطقة Master Plan، وتتفرع منها استراتيجيات فرعية Sub-strategies، تحدد بدقة وعناية تامة احتياجات المنطقة التنموية للعشرين عاما المقبلة مثلاً، شريطة أن يتم ربط تلك الاحتياجات بالمجالات التنموية المختلفة، بما تمتلكه المنطقة من ميزات تنافسية تٌمكن من تحقيق تلك الاحتياجات وفقاً لأهداف ولأولويات تنموية محددة ومدروسة بحيث تكون قابلة للقياس. كما أن الأمر يتطلب بناء شراكات قوية ومتينة بين القطاعين العام والقطاع الخاص، حيث يمكن من خلال تلك الشركات توحيد الرؤى والأهداف بين القطاعين العام والخاص وشعور كل منهما بالدور والمسؤولية المنوطة به التي تحقق الأهداف المنشودة من وراء الاستراتيجية التنموية، والتي يأتي في مقدمة أهدافها الارتقاء بأداء اقتصاد المنطقة. الاستراتيجية المقترحة يتطلب أن توضع لها خطط تنفيذية Operating Plan، حيث يمكن من خلالها وضع أولويات لتنفيذ برامج الخطة وقياس المتحقق عنها من التنفيذ. كما أن الأمر يتطلب بناء قاعدة معلومات وبيانات عن الاستثمارات المتاحة في المنطقة، ووضع استراتيجية واضحة لترويجها للمستثمرين، مع ضرورة منح المستثمرين حوافز ومميزات استثمارية تفضيلية، تشجعهم على الاستثمار في المنطقة.
وللنهوض اقتصادياً واستثمارياً في منطقة نجران، فإن الأمر يتطلب أيضاً التركيز في المرحلة القادمة على تفعيل دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة SMEs، باعتبارها تمثل الشريحة الأوسع والأعرض من أعداد الشركات العاملة في المملكة، وتتميز بقدرتها على خلق الوظائف وتوظيف أكبر قدر ممكن من العمالة، مما سيساعد المنطقة على التغلب على البطالة وتوفير فرص العمل المناسبة لأبنائها.
خلاصة القول، إن منطقة نجران وكما وصفها الدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا ''الأسبق'' بأنها كنز ورخاء لمواطنيها لما تمتلكه من معادن وثروة تعدينية غير عادية، هذا إضافة إلى ما تمتلكه من مقومات وموارد اقتصادية أخرى عديدة على الجانب الزراعي والخدمي والسياحي، يمكن أن تحقق للمنطقة خلال السنوات القليلة القادمة المزيد من التقدم الحضاري والازدهار.
إن النهوض باقتصاد منطقة نجران، يتطلب دراسة لاحتياجات المنطقة من التنمية الشاملة والمستدامة، بعناية ووضع خطة للأولويات وخريطة طريق للتنفيذ، على أن يتم إشراك القطاعين العام والخاص فيها، لضمان توحيد الجهود والرؤى، بما يحقق الأهداف التنموية المنشودة للمنطقة.
ولعلي لا أجد خير ما أختم به مقالي هذا سوى كلمات محفزة لأمير المنطقة، مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز للمستثمرين في المنطقة والتي أتت على النحو التالي:
''إن الأمل يحدونا بأن يتم التركيز على الاستثمار في منطقة نجران، وأن يقوم المستثمرون بالاستفادة من الفرص المتاحة في هذه المنطقة، مع استعدادانا لتقديم التسهيلات الممكنة''.