اقتصادنا الوطني إلى أين؟
اقتصادنا الوطني إلى أين؟
تتطرق إلى مسامعنا في الآونة الأخيرة معلومات كثيرة عن مدى قوة الاقتصاد السعودي و تمكنه من تجاوز أزمات الاقتصاد العالمي بخطى ثابتة و بدون تأثر واضح حيث أصبح من أحد أعلى معدلات النمو بين دول مجموعة العشرين و ارتفعت ايرادات الدولة لتصل لأكثر من 1.239 مليار خلال العام الماضي, و حيث بلغ فائض الميزانية ١٢ مليار دولار، كما أنه من أسرع اقتصاديات العالم نمواً، ومن المتوقع أن يرتفع دخل الفرد فيه من 20700 دولار أمريكى فى عام 2007 الى 33500 دولار أمريكى بحلول عام 2020 ، كما يستحوذ على 25% من مجموع الناتج المحلى الإجمالى العربي و لديه 25% من إحتياطى النفط فى العالم.
كل هذه أخبار تطرب لها الأذن ... لكن هل نرى فعلا انعكاسات هذه المعلومات و الاحصائيات على أرض الواقع ؟ أم أنها أرقام على ورق؟.. و لماذا مع كل ما نسمع من فوائض الميزانية خلال السنوات الأخيرة الماضية إلا أن معدل الفقر يتزايد طردياً مع معدل الناتج المحلي الاجمالي بشكل لا يتماشى مع المنطق؟ حيث تعدت نسبة الفقراء في المملكة ٢٢٪ في عام ٢٠١٢ وأصبحت طبقة متوسطي الدخل في انحسار سريع لتتسع معها طبقة الأغنياء و الفقراء بشكل مخيف.
ولماذا مع كل ما نرى من ارتفاع أسعار النفط إلا أن أسعار الدولار في هبوط و يهبط معها سعر عملتنا المحلية الريال ! ..ليرتفع بذلك التضخم و من ثم البطالة بنسبة مهولة تعدت ال ١١٪ باحصائات وزارة العمل و أكثر من 20% باحصائات حافز !! و المثير للسخرية أن التأشيرات للأجانب في ازدياد حيث بلغ مقدار الأجانب الوافدين للسعودية سنويا٥٠٠ ألف ، غالبيتهم لا يحملون مؤهلات عالية و تبلغ تحويلاتهم للخارج سنويا ١٠٠ مليار ريال. و أخيرا و هو الأمرّ نجد أن قيمة الصادرات من السلع والخدمات تجاوزت 1.3 ترليون ريال سعودي و باستثناء النفط فإنه لا تتجاوز قيمة الصادرات غير النفطية من سلع وخدمات مئتان مليار ريال فقط!.
اقتصاد المملكة كالمبنى العظيم من الخارج لكنه في الحقيقة شبه متهالك من الداخل! فرصتنا لإعادة ترميم وضعنا الاقتصادي كبيرة جدا حاليا نظرا للامتيازات التي يتمتع بها وحجم ايراداتنا النفطية و أخيرا وهو الأهم فئة الشباب وهي تمثل غالبية المجتمع وكالعادة وعند ترميم أي مبنى متهالك فإننا نبدأ بالأساسات حتى يقوم المبنى على أسس و قواعد متينة تمنعه من الانهيار في أي لحظة و هذا ما يحتاج لنا عمله مع الاقتصاد السعودي.. الحلول المؤقتة و ابر المسكنات (كحافز ) لا تجدي نفعا على المدى البعيد !
بداية تقافة المجتمع عن العمل يجب أن تتغير، ٢٠٪ تحت خط الفقر .. نستطيع الاستغناء بهم عن كثير من العمالة الوافدة ذات المؤهل المنخفض المسيطرين على الأعمال البسيطة كالقيادة والنجارة و قطاع التجزئة و البناء!يجب أن نتغير من شعب مستهلك إلى شعب منتج ولو تدريجيا .. فالنفط لن يدوم ولو دام فإن الكثير من موردات الطاقة البديلة تحت الدراسة الآن و كلها سنوات و لن يكون للنفط تلك القيمة ..المملكة تمتتع بامتيازات أخرى من ناحية الأماكن المقدسة و موقعها الاستراتيجي و نستطيع الاستفادة من هذه الناحية في تعزيز السياحة و ذلك لا يكون إلا بالاهتمام بالبنية التحتية كوسائل النقل، فأي مدينة سياحية لا تجد فيها وسائل نقل عامة؟
اعتمادنا بالكامل على الحكومة يجب أن يتغير، القطاع الخاص يجب أن يوفر له الرعاية الخاصة حتى ينمو ويحظى بذات الإقبال و خصوصا و نحن نرى كثير من الدول المتقدمة و نسبة القطاع الخاص قد تتفوق على الحكومي مما ينعش الاقتصاد ويخفف الضغط على الحكومة و يتمتع بالاستمرارية على المدى البعيد.. خصخصة الكثير من شركات النقل و الكهرباء قد يساعد كثيرا في تحسين الخدمات.
ندرس كطالبات إدارة مقرر كامل عن التخطيط الاستراتيجي و أهميته في الوصول إلى الأهداف؟ و نأخذ أمثلة كثيرة عليه من الواقع لناس سبقونا في العلم و التجربة في مختلف أنحاء العالم .. و كيف أنه كان العامل المشترك الأساس لنجاح مشاريعهم، فأتسائل .. هل لدى اقتصاديينا خطة استراتيجية لمستقبل الاقتصاد السعودي.. بعد ١٠، ٢٠ أو حتى ٣٠ سنة من الآن أم أننا نعيش بالبركة و باعتماد كامل على البترول؟ و إذا كان يوجد فلم لا نسمع عنها ؟