العراقيل في شروط التمويل
يقابل الباحث عن التمويل لمشروعه الصغير أو المتوسط قنوات رسمية عدة، كصندوق المئوية وبنك التسليف وبرنامج ريادة وبرنامج مشروعي التابع لبرنامج الأمير محمد بن فهد للتنمية، فيقوم بالتقديم في أحد هذه البرامج أو كلها آملا الحصول على التمويل أو جزء منه ليبدأ رحلته في عالم الأعمال والتجارة، ومن مر بمرحلة البحث عن التمويل يعي تماماً حجم المعاناة التي يمر بها في كل مراحل البحث عن التمويل.
ما لا يكتشفه الباحث عن التمويل إلا بعد ضياع الكثير من الوقت والجهد أن كل برامج التمويل الحكومية هي مجرد عناوين مختلفة لجهة واحدة، وهو بنك التسليف والادخار السعودي، وكل هذه البرامج المختلفة تخضع لشروط بنك التسليف، وهنا تكمن المشكلة، ونظرا لضيق المساحة سأتطرق لمسألتين مهمتين يعانيهما رواد الأعمال الباحثين عن تمويل مع بنك التسليف.
المشكلة الأولى هي عامل الوقت، فالمتقدم بطلب القرض ينتظر أكثر من ستة أشهر للحصول موعد للمقابلة الشخصية، وثلاثة أشهر بعد المقابلة لدراسة المشروع من قبل البنك، ثم شهرين - إن حالفه الحظ - لمناقشة دراسة الجدوى، وبعد هذا الانتظار الطويل قد يوافق على طلبه وقد يرفض. المشكلة هنا ليست في الرفض - مع أن هناك أسبابا غير منطقية للرفض - بل في طول فترة الانتظار، التي ليس لها مبرر أبدا، لأن دراسة المشروع وفكرته ومناقشته لا تتطلب أكثر من ثلاثة أشهر في أسوأ الظروف، وهذا مطبق في الكثير من برامج التمويل داخل المملكة كبرنامج واعد التابع لشركة أرامكو. كل هذا الوقت الضائع هو تكلفة في حد ذاتها على صاحب المشروع والبنك، لأنه قد يتمكن من إنشاء مشروعه خلال هذه المدة، بدلا من الانتظار.
المشكلة الثانية هي غرابة بعض الشروط للحصول على القرض، فاستخراجك السجل التجاري وحصولك على التراخيص الحكومية اللازمة لمشروعك خلال فترة انتظارك لرد البنك ستنسف فرصتك في الحصول على القرض، لأن أحد شروط القرض هي عدم وجود سجل تجاري لطالب القرض، وهذا الشرط غريب جداً وليس له علاقة بجدوى المشروع من عدمه، أي أن حصول طالب القرض على سجل تجاري ليس له أي تأثير في قرار الإقراض أو عدمه، لأن الفيصل هنا هو جدوى المشروع وليس قيام البنك بنفسه باستخراج التراخيص!
الوقت الطويل الضائع لدراسة المشروع ومقابلة صاحبه والشروط غير المنطقية وغيرها من العقبات تفرغ برامج تمويل رواد الأعمال من هدفها وغايتها، وتحولها من برامج تسهيل إلى برامج تطفيش وتنفير للمقبلين على إنشاء مشاريعهم.