إصرارها وشفقتي !!
إصرارها وشفقتي !!
لدي صديقة مقربة مني درست معي الترجمة وتعبنا في اختباراتها سوية وجُننِا من اختلاف أساليب الأساتذة في الترجمة أيضا سوية، وصلنا بمساعدة بعضنا البعض (والأغلب هي من كانت تساعدني) للمستوى الخامس من السنة الثالثة عندما قررت فجأة أن تترك دراسة الترجمة هنا وتلحق بإخوتها في الخارج لدراسة قسم جديد تماما، فهي كما تخبرني لا ترى نفسها في الترجمة رغم نجاحها فيه وحصولها على درجات عالية، لا أنكر إني صدمت من قراراها فحاولت ثنيها عن قراراها بإقناعها أن تكمل دراستها البكالوريوس في الترجمة، فلم يتبقى إلا القليل على التخرج وبعدها تكمل الماجستير بأي قسم تريده بالخارج مع إخوتها ولكنها كانت مصرة وعازمة على قرارها.
تركت خلود الترجمة وذهبت لأيرلندا مع والدتها (وهي أكثر شخص شجعها على هذا القرار) ومع إخوتها الصغار، كنت أشعر بالشفقة عليها لأنها ستبدأ بدراسة قسم جديد وكأن السنتان و النصف في الترجمة لم تكن، لكن أتضح لي فيما بعد إني كنت مخطئة بشفقتي تلك وأندم الآن إني لم أشجعها فخلود الآن تدرس إدارة أعمال، وتبدو سعيدة جدا عندما أحادثها فرغم صعوبة بعض المواد وضغط الاختبارات إلا أني أشعر بأنها راضية وفخورة باختيارها وقرارها وتبذل كل جهدها لتكون الأفضل فيما اختارته هي.
ولا يسعني إلا أن أتذكرها عندما أقرأ مقال الأستاذ عبد الله المغلوث : كيف نتذوق السعادة في كتابه 7:46 فكما ذكر في مقاله (إننا سنعيش حياة واحدة و ليس من الحكمة أن نهدرها في مجال لا نحبه و لا نشتهيه). وهذا ما فعلته صديقتي خلود فقد كان من الأسهل لها أن تكمل ما تبقى لها و تنال البكالوريوس وبعدها تكمل دراسة الماجستير في أي قسم تختاره لكنها لم تختر لبطريق الأسهل وفضلت بأن تتخصص في مجال تحبه وتحمل شهادة البكالوريوس في مجال ترى نفسها فيه.
وازدادت قناعتي بأنها اختارت الطريق الصحيح عند قراءتي لآخر أسطر من نفس مقال الأستاذ عبد الله (إذا لم تحقق نجاحك في وظيفتك فغادرها ولا تأسف، ستنجح في مكان ما آخر، رونالد ريجان كان ممثلا متواضعا اتجه للسياسة فأصبح أحد أهم رؤساء أمريكا). تغيير خلود لقسمها كان بتشجيع أعظم إنسانة في حياتها فهنيئا لها بأم بتفكير و عقلية والداتها، و هنيئا لها بأب ترك بيته وحياته هنا ليذهب مع بناته ويدعمهم ليحققوا أحلامهن و طموحاتهن.