المصارف والولادة المتعثرة

المصارف والولادة المتعثرة

المصارف والولادة المتعثرة

لعل البعض يستعجب من عنوان مقالي هذا ولكن معالجه التعثر داخل المصارف تحتاج الى عملية دقيقه تماما كما يجريها الأطباء فى غرف العمليات للولادة المتعثرة.

العميل المتعثر هو العميل الغير قادر على سداد التزاماته للمصارف فى مواعيد استحقاقها وذلك لظروف خارجه عن أرادته كتغير ظروف السوق مما يؤدي إلى خسارته وعدم مقدرته على الوفاء بالتزاماته.

فكيف تعالج المصارف حالات التعثر لديها و هل يختلف المصرف الاسلامي في المعالجة عن المصرف التقليدي ؟

عندما يحصل عميل ما على قرض من أحد البنوك التقليديه بمبلغ مليون ريال مثلا وفي ميعاد استحقاق القرض و فوائدة يمتنع العميل عن السداد ويكتشف المصرف حقيقه تعثر العميل وهنا أحد خيارين اولا قيام المصرف برفع دعاوى قضائيه على العميل المتعثر وهذا الحل يستغرق الكثير من الوقت و مبلغ المديونيه و هو المليون ريال بالاضافه الى الفائدة تصبح فى وجهه نظر المصرف مشكوك فى تحصيلها و تجنب من أرباح المصرف فى هذا العام بنسبه الشك فى تحصيل هذا المديونيه و هو ما يعرف باسم مخصص القروض المشكوك فى تحصيلها وبالتالى هذا الخيار يستغرق وقت و يخفض من أرباح المصرف بقيمه هذا المخصص.

الخيار الثانى هو أخفاء حقيقه تعثر العميل و أعطاءة قرض جديد يسدد به القرض القديم وفوائده فمثلا لو أن العميل مديون بمليون ريال و الفوائد مثلا مائه الف ريال فيعطى العميل قرض جديد بمليون و مائه الف ريال ليسدد القرض الاول وكل عام فى نفس التاريخ يتم عمل نفس الشئ فتكبر المديونيه على العميل المتعثر الغير قادر اصلا على سداد أصل الدين وهو المليون ريال و تتضخم الفقاعه لتصبح بعد عدة سنوات ملايين الريالات و فى نفس الوقت الارقام المعلنه لارباح المصرف غير صادقه وغير معبرة عن حقيقه الوضع داخل المصرف.

ولكن الوضع غير ذلك فى المصارف الاسلاميه فمن المعروف أن المصارف الاسلاميه لا تعطى
اموال مقابل اموال و فائدة و لكنها اذا أعطت أموال تحصل من العميل على سلع و اذا أعطت العميل سلع فأنها تحصل منه على أموال مقابل تلك السلع فأحدى كفتين الميزان مال والأخرى سلع.

فاذا حصل العميل على سلع مثلا بمليون ريال وحدث له تعثر ولم يقدر على سداد التزاماته فى مواعيدها فالمصرف الاسلامى هنا أمام عميل متعثر فالمصرف لا يستطيع أعطاء العميل منح جديد الا بعد سداد المديونيه الاصليه و هى المليون ريال و العائد المحتسب عليه وليكن مثلا مائه الف ريال والسداد يجب أن يكون نقدى و المصرف لا يمنح الا سلع وبشرط سداد المديونيه نقدا

لذا ليس امام المصرف الا تكوين مخصص للديون المشكوك فى تحصيلها بنسبه الشك فى تحصيل هذا المديونيه و هذا المخصص يستقطع من أرباح المصرف فى هذا العام وليس هناك مجال لمنح جديد لهذا العميل المتعثر فتبقى المديونيه كما هى مليون ومائه الف ريال ولا تتضخم كما يحدث فى المصارف التقليديه وأرقام القوائم الماليه للمصرف الاسلامي تعبر بصدق عن حقيقه الوضع.

ولعل فى شرحي هذا أجابه لسؤال وهو لماذا ظلت البنوك الاسلاميه قويه امام كل الازمات الماليه العالميه لانها بنيت على أساس من الصدق.

الأكثر قراءة