أنا دكتور !!

أنا دكتور !!

أنا دكتور !!

"صاح بي لما أعطيته تقاريري". "لم يفحصني ولم يسمع مني". "غضب وقال اني باسئلتي اتدخل في عمله". "يتحرك ويتكلم بتثاقل واضح مصطنع". اسمع مثل ذلك من أقربائي ومن مرضى كثيرين وأراه وأتعجب لصدوره ممن يحملون شهادة ومهنة الطب وينقضونها. لست أدري إلى أي ملة أو نظام أو مرجع يستند الطبيب الذي يتعالى بصوته ونظراته كأنه يعطي ويتجمل بما لا يستحقه المريض، أو لا يجيب على الاستفسارات إلا بغموض، أو يسخر من جهل المريض لعلته وللعلاج وللتحاليل، أو يصر على اجراء فحص مكلف أو صعب أو عملية جراحية أو لا يسمع رأي المريض ولا يكلمه عن البدائل ويتركه في حيرة وتساؤلات مكتومة. وقد يسرد الطبيب شهاداته واعماله متباهيا ليجبر المريض على الانصياع لقراره.
فاقد الشيء لا يعطيه. الطبيب -والاستشاري أول مقصود- بلا معاملة حسنة يجهل أول معاني طبه وعلمه وهي التواضع واللباقة ليبث الطمأنينة في مريضه. أعرف أطباء كثيرين يقول لسان حال كل منهم: "أنظروا، أنا دكتور!" لحمقه وغطرسته ولكثرة سرده الدعائي لانجازاته وأحيانا لتبجحه بسرد أسرار مرضاه متهكما ومتضاحكا في شلته واصدقائه، مبتعدا عن مباديء الطب والانسانية. أؤمن وأعمل وأعيش بقاعدة صلبة ثابتة ساطعة هي أن المريض لا يذهب ليُرضي الطبيب وإنما ليرضيه الطبيب وإلا فليذهب الى طبيب غيره. وهذا القول الأخير يغضب الطبيب الأرعن فهو يكره ويرفض طلب المريض رؤية طبيب غيره كأنه لا طبيب يفهم سواه ولا حق للمريض باراحة نفسه. أتمنى أن أرى مكارم الاخلاق مادة أساسية في جميع سنوات كليات الطب، وأول شرط في القبول بها. مؤهل الطبيب الأول هو أدبه.
وإن كان ذاك حال أناس في الطب، ففي كل مهنة أخرى تجد الذي في حركاته وسكناته ونظراته وكلامه استجداء لاهتمام من حوله ولو استطاع لحمل اضواء مسلطة عليه أينما ذهب! يا لسوء حظ من يتعامل مع مثل هذا!

الأكثر قراءة