مرتكبو «تفجير ينبع» يمتلكون مهارات تفوق إمكانات «القاعدة»
أكد أحد شهود العيان لحادث ''تفجير ينبع'' قبل تسع سنوات، أن المسؤولين عن الحادث كانت لديهم وظائف محترمة وبدخل شهري جيد ومميزات أخرى كثيرة في وظائفهم، وأنهم استهدفوا المنشآت الاقتصادية الحيوية، فيما أكد مختصون في شأن تلك الجماعات أنها تمتلك العديد من الأساليب الاستخباراتية التي تدرب عليها أفرادها ومن بينها خلية ينبع، مشيرين إلى أنهم يمتلكون مهارات لا يمتلكها تنظيم القاعدة، وإنما مهارات دربتهم عليها أجهزة رسمية ضالعة في الإرهاب.
وذهب شاهد العيان إلى أن الإرهابيين كانوا طبيعيين جدا لا تظهر عليهم علامات التدين، ويلبسون أزياء من أشهر العلامات العالمية، خاصة أن اعترافاتهم كشفت تخطيطهم لتفجير ينبع مدة ستة أشهر.
#2#
#3#
#4#
وكانت الحلقة الثالثة من برنامج "همومنا" التي بثت أمس بعنوان "إنه الوطن .. حتى لا تعود"، قد استضافت جمال بكر عمر، شاهد عيان ومدير الأمن والعلاقات الحكومية في إحدى شركات ينبع الصناعية، والدكتور مطلق المطيري أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الكاتب في جريدة "الرياض"، ومشاري الذايدي الكاتب في جريدة "الشرق الأوسط".
وقال جمال بكر عمر: "منفذو العملية كانوا يتمتعون بامتيازات كبيرة من راتب وعلاج وسكن، أحدهم عمره 26 سنة والثاني 28 سنة، وهما أخوان يعملان في إدارة الصيانة، ويتسمان الانضباط بناء على تقارير رؤسائهما، ولا يظهرعليهما أي نوع من الالتزام يرتديان ملابس ذات علامات عالمية غربية ويسافران وحياتهما بسيطة، ومعهما اثنان أخوان أيضا وهما خالا الأولين، أحدهما مهندس يعمل في شركة كبرى في المنطقة، وشقيقه الآخر كان خارج السعودية في أفغانستان ثم انتقل لباكستان ثم اليمن ثم دخل عن طريقها للسعودية، وأحدهما رزق بطفل وكان رضيعا في ذاك التاريخ، والآخر كانت زوجته حاملا".
وحول الشركة التي شهدت الحادث قال: "هناك مقاول غربي تعاقدت معه إحدى الشركات التي كنت أعمل فيها للقيام بمشروع بترولي للتوسعة في ينبع الصناعية، وكنت أعمل في مكتب المقاول نفسه، الذي خصص له منطقة خارج الشركة الأم، وكان مسؤولا عنا من الألف للياء تعاقديا ومسؤوليا".
وأوضح أن اثنين من منفذي العملية كانا دائمي التردد على المكتب بحكم العمل، مؤكدا أن أغلبية من أصيبوا في الحادث من الجنسية الغربية: أمريكان وأستراليون وبريطانيون وجنسيات أخرى من غير المسلمين، وقال: "اشتغلنا عن قرب وكانت علاقتنا قوية جدا، كنا نظل في المكتب عشر ساعات، فقد كان المشروع مضغوطا، فتولدت بيننا علاقات قوية، حيث كنا نتبادل الزيارات وعندنا استراحة في البر، نتناول فيها العشاء".
#5#
#6#
#7#
#8#
وفي يوم الحادث قال إن المنفذين جاؤوا بسيارتين في كل واحدة اثنان، وارتدوا زي الشركة وتمكنوا من دخول البوابة الخلفية، حيث إن الأمن تابع للمقاول الغربي، كما أنهم عبروا مع الموظفين دون أي مشاكل، وترجل ثلاثة منهم ودخلوا المبنى، وهم يحملون أسلحة أوتوماتيكية رشاشات ومسدسات، مشيرا إلى أنهم درسوا الموقع لمدة ستة أشهر، فهو مكتب هندسي يحتوي على مكاتب وممرات وخدمات فقط، والمشروع يضم جنسيات أخرى كثيرة غير الغربيين.
وتوجهوا إلى المكاتب وصفوا الموجودين المستهدفين، مؤكدا عدم وجود كاميرات للرصد لأن الموقع عبارة عن مكتب هندسي، لافتا إلى أن هذا الأمر استغرق دقائق لأنهم يستهدفون أشخاصا معينين وكل الأشخاص موجودون في مكاتبهم، لافتا إلى أن من كان موجودا في مكتبه تتم تصفيته بطلقات مباشرة في الرأس، فكل ضحية أطلقت عليه طلقتان إلى ثلاث في الرأس، حيث أصيب ستة أشخاص توفي خمسة منهم على الفور، وقال: "كانت جنسياتهم إسرائيليا واحدا وثلاثة أمريكان وبريطانيين اثنين، خمسة توفوا على الفور، وكلهم غير مسلمين، حسب المعلومات حتى ذاك التاريخ"، مضيفا عندما جاءت قوات الأمن صار إطلاق نار على البوابة لدى هروب المنفذين ثم مطاردة حتى تم القضاء عليهم.
ووصف المنظر بالمأساوي، خاصة عملية نحر أحد البريطانيين بعد إطلاق النار عليه، وطبعا تم نقل الجثث إلى المستشفى، ثم باشرت الجهات الأمنية التحقيقات وخلافه، لافتا أن أحد البريطانيين فوجئنا بأنه متزوج في إندونيسيا وزوجته مسلمة وتقدمت إلى السفارة السعودية بأن زوجها مسلم وقدمت ما يثبت ذلك، وروى إسلام أحد الأستراليين الناجين من الحادث قبله بأيام قليلة.
وأكد شاهد العيان أن الحادث مدبر، وكانت نتيجته قيام رئاسة المقاول الغربي بترحيل جميع العمالة وأسرهم الموجودة بعده مباشرة، حيث صار المشروع من دون عمالة إطلاقا، فكان من الصعب جدا أن تأتي الشركة بمقاول آخر ألا بعد فترة سنة، مما يؤثر على المشروع والاقتصادي
من جهته، أكد الدكتور مطلق المطيري أن السعودية منذ 2003 تتعرض لمشروع كبير، مشيرا إلى قوة خارجية تستخدم حسابات خاصة تحاول تقسيم المجتمع إلى دينين، دين للجماعة هذه ودين يختلف عن الجماعة هذه ومن يختلف عنهم هو كافر، إضافة إلى استهدافهم منشآت كبيرة، مؤكدا اشتراك دول عبر تقديم دعم لوجستي من أجل استهداف السعودية، مدللا بوجود عنصرين من إيران وجدت لهما اتصالات بأناس من ينبع.
وقال: "وجدت هذا الاستخبارات المصرية وأعلن وأذيع، وفكر القاعدة يتنافى مع إيران لكن المصلحة السياسية، فالفكر السياسي يتفق وتكون هناك شراكة اقتصادية كبيرة وهذا ما نشاهده حاليا في سورية، سورية ما قبل الربيع العربي، مثلما استخدمهم النظام السوري في الدخول إلى العراق وعمل بعض العمليات للأمريكان لحساب النظام السوري، إذن نحن أمام مشروع كبير يستهدف المملكة مثلما نسمع دولة القطيف الكبرى"، وأكد ضرورة وجود الحليف الاستراتيجي من أجل تقديم الدعم اللوجستي، إضافة إلى توظيف البعد العائلي أو الأسري، يعني الأخ يؤثر على أخيه، لافتا إلى أنهم متدربون تدريبا عاليا والدليل اختيار موقع العملية.
وأضاف الدكتور مطلق المطيري: "إيران مهمتها أو الشيء المهم لها أن تشغل الداخل السعودي قبل انسحاب الجيش الأمريكي من العراق، لماذا؟ لأن مهمتها إضعاف هذا البلد، حتى تطبق أجندتها في المنطقة، والدليل قيام مجموعة موظفة لحساب المشروع الإيراني العام الماضي ببعض العمليات في البحرين، ما أدى إلى تدخل مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة لإفشال هذا المشروع، ويبقى استهداف أمن المملكة هو الأساسي والرئيسي لاحتلال هذه المنطقة".
إلى ذلك، بيّن مشاري الذايدي أن منفذي العملية أعدوا لها ستة أشهر حيث تم الرصد والتصوير والإعداد واختيار الموقع وتحديد الأشخاص المراد اغتيالهم، إضافة إلى ستة أشهر أخرى للتهيئة النفسية والتفكير.
وتساءل: هل في دول مصالحها تتضارب مع مصالح السعودية؟ وأجاب: "نعم يوجد، وش نبي نسميه ونسميهن شفنا في سورية شفنا في إيران، شفنا في أكثر من كلام، طيب أنت لما تكون مستهدفا للسعودية كدولة عندك أجهزة مخابرات وتمويل وأجهزة إعلام لبث الدعايات السوداء، أنا أروح أدور على الثغرات في هذا البلد، فولد أسامة بن لادن كان مقيما خلال الفترة الأخيرة في ايران، والناطق باسم القاعدة بو غيث جاي من إيران وراح لتركيا وسلموه، طيب حدا يفسر لي سر هالغرام بين إيران وبين القاعدة".
وعرّج على رسائل أيمن الظواهري الأخيرة التي نص فيها على أن "الربيع العربي" هو فرصة سانحة بالنسبة لهذه التنظيمات لاستغلالها، بعد التخلخل في الدول الذي حدث فيها وتعرضت لنوع من الاضطراب والفوضى وصل أحيانا إلى حد الجريمة العادية السطو المسلح، وهذا جو مثالي وأرض خصبة لهذه التنظيمات.
وقال الذايدي: "الحين الدول المتحالفة مع القاعدة رغم تناقض الأيديولوجيا، لماذا الأجانب الغربيون فيها ما يتعرضون للأذى، هؤلاء الجماعات عندهم تصور أنه كل واحد قادم من أوروبا هو عدو لك ووده يهدمك، أول شي هذا تصور ساذج مو صحيح، بالعكس بعضهم متعاطفون معك وبعضهم ضد بلدانهم وينتمون أحيانا إلى تيارات ثورية". مشيرا إلى أنه تم ركوب الربيع العربي على حقوق الإنسان.
وأكد أن هناك تشابها بين حادثة ينبع وبقيق، حيث كلاهما استهدفت منشآت بترولية.
وقال: "الحادثة استهدفت مقاول المشروع في قطاع بترولي في ينبع، الذي بعدها ترك المشروع فتسببت في خسائر اقتصادية"، مؤكدا أن خطر هذه الجماعات لا يزال قائما، حيث قال: "مهما تغيرت الملابسات إحنا أمام أخطار مهما اختلفت ملاحظاتنا، مهما كانت انتقاداتنا على الوضع العام إلخ..، يظل في بوصلة ما لازم نتركها وهي الحفاظ على الاستقرار والحفاظ على الأمن".
يذكر أن الحلقة التي بثت بدأت كالمعتاد بتقرير مصور جاء فيه حوار بين منفذي العملية، وهذا نص التقرير: "مصطفى عبد القادر عابد الأنصاري: أشرف أعداء الله من اليهود والنصارى على وضع المناهج التي يربى عليها أبناؤنا وأبناء المسلمين، أما نحن فولاة أمرنا هم قادة الجهاد في أفغانستان وفي الجزيرة وفي العراق.
صوت تعريف: هذا هو مصطفى عبد القادر عابد الأنصاري أحد أفراد العصابة المسلحة التي تكونت منه إضافة إلى سمير سليمان الأنصاري.
أنا أيمن عبد القادر الأنصاري مهندس كهرباء لدى إحدى شركات سابك.
سامي سليمان الأنصاري: أنا أبو دجانة المكي سامي سليمان الأنصاري موظف في شركة ينبع السعودية للبتروكيماويات.
صوت تعريف: وكشفت وصايا هذه العصابة تفاصيل خطة الاعتداء على مدينة ينبع الوديعة.
سمير سليمان الأنصاري: سوف نقوم بإذن الله باستهداف مجموعة مكونة من 15 - 25 علجامن الخبراء لدى شركة لاموس التي تقوم بإنشاء مشروع ينبت لدى الشركة التي نعمل بها أنا وأخي أبو دجانة، بعد الترصد الذي دام ستة أشهر حيث تمكنا من تصوير الموقع والمكاتب رغم صعوبة التصوير لأنها منطقة صناعية.
صوت تعريف: وهكذا تم ترتيب المؤامرة على مدينة ينبع التي تقع في الغرب السعودي والتي تحتوي على ثلاث مصافي للنفط، وأكبر ميناء صناعي في العالم، وهي ركيزة مهمة للصناعات البتروكيماوية السعودية، وهذه الوجوه البريئة التي استقبلت يومها بهمتها المعتادة، باحثة عن لقمة العيش، لم تكن تعلم أن هناك من سيستهدف أرواحهم وحياة أحبائهم، إسماعيل النوايشة أصيب خلال توغل العصابة في الأحياء السكنية
إسماعيل النوايشة: أنا خلصت صيد، بعد ما خلصت بدلت ملابسي ورايح الدوام، وأنا رايح للدوام من الطريق هذه سمعت أصوات نار، طلق كثيف وشديد جدا.
صوت تعريف: وفي السادسة وخمسين دقيقة صباحا اقتحمت العصابة المسلحة إحدى شركات الاقتصاد الوطني مستغلين عمل أحدهم بها وقاموا بقتل مجموعة من العاملين الأبرياء فيها، وتمت مواجهتهم من قوى الأمن السعودي التي نجحت نجحت في إبعادهم عن المنطقة الصناعية نظرا لحساسيتها وأهميتها على الاقتصاد الوطني وحماية أرواح العاملين في تلك المصانع وسكان مدينة ينبع والمدن المحيطة بها، ومع نجاح الخطة الأمنية في دفعهم خارج المنطقة الصناعية الاستراتيجية، ظهر مدى بعد أفراد هذه العصابة المسلحة عن الاخلاق واستهتارهم بأرواح الأبرياء بمحاولتهم التمترس في الأحياء السكنية مع إطلاقهم النار عشوائيا على بعض المطاعم والمنازل وأحد الفنادق.
إسماعيل النوايشة: وأنا ماشي قلت أقرب شوي وأشوف إش الموضوع وإش القصة، فمشيت، وانتبهت إلى أنه إطلاق نار قريب جدا، فقلت إني أتخبى في المكان الموجود هنا، إني أتخبى هنا وما يجرالي حاجة، لسه ما اتحركت أدور لي مكان أتخبى فيه إلا أجتني طلقة في يدي اليمين.
صوت تعريف: لتتصدى لهم قوى الأمن السعودي وتنجح في القضاء على خطر هذه العصابة التي قضى أعضاؤها محترقين في سيارتهم التي اشتعلت بقنابل صنعتها أياديهم.
ضابط أمن: الحقيقة كانت الحادثة سلبية بكل المقاييس وحادث شنيع ومنكر لكن سكان محافظة ينبع تجاوزوا هذا الحدث وصارت ينبع في ركب الحضارة والتقدم والتطور، حتى أننا نرى أنه في كل يوم ينشأ في ينبع مصنع أو منشأة أو مبان، وعجلة التقدم لن تتوقف في محافظة ينبع لأسباب هذا الحادث الإرهابي".