التخطيط العمراني .. و "المدن الخضراء"
التخطيط العمراني .. و "المدن الخضراء"
تسعى مدينة مكة المكرمة إلى التحول لمدينة "خضراء" من خلال اعتمادها على مصادر الطاقة الشمسية، بالتحالف مع كبرى الشركات المتخصصة بتوفير الطاقة، وتُحسب هذه الخطوة الجيدة لصالح أمانة العاصمة المقدسة، لكن هل هذا هو الخيار الوحيد والمناسب لتوفير الطاقة لتكون مدننا " خضراء".... ؟
بالنظر وبشكل سريع على معدلات التنمية في السنوات الـ 20 الماضية، نرى أن المدن حول العالم شهدت نمواً "دراماتيكياً" متسارعاً. نتج عنه أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في مناطق حضرية، وتتوقع منظمة الموئل "إحدى برامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" بحلول عام 2050م أن يعيش ثلثي سكان العالم في المناطق الحضرية. وسجلت الدول العربية نمواً سكانياً كبير في عام 2010م تجاوز أربعة أضعاف معدلات النمو في عام 1970م ، إضافة إلى أن هذه المعدلات سوف تشهد نمواً بأكثر من الضعف خلال الفترة ما بين عامي 2010م و 2050م.
هذه الحقائق والأرقام وما تحوية من مؤشرات للنمو الحضري، وزيادة في الكثافة السكانية في المدن سيترتب عليها زيادة في الطلب والاستهلاك للطاقة والتقنية بمختلف أنواعها، وقد تستطيع التكنولوجيا المتقدمة أن تساهم في خفض تكاليف الطاقة بالاستفادة من الطاقة البديلة (كالطاقة الشمسية) أو من خلال تحسين نوعيات نقل خطوط الطاقة بما يمنع هدر جزء منها، وتطوير الأجهزة الكهربائية بحيث تستهلك أقل قدر ممكن من الطاقة وبأداء وظيفي يحقق أقصى منفعة.
رغم كل تلك الخيارات يعتبر خيار التخطيط والتصميم العمراني من أنجح الطرق في توفير استهلاك الطاقة والحفاظ على البيئة من خلال توفير مناطق سكنية "صديقة للبيئة" وغالباً ما يلجأ المخططون والمصممون وفق هذا الاتجاه إلى دارسة المعلومات المناخية والطبوغرافية الخاصة بالمنطقة ومن ثم تحديد العوامل التخطيطية والتصميمية التي تحد من تأثيرها السلبي بهدر مصادر الطاقة والتلوث.
وعند النظر في أهم مصادر هدر الطاقة الكهربائية نجد أن إستخدام أجهزة التكييف (التبريد خاصة) يشكل الثقل الأكبر بالمقارنة مع استهلاكها لأغراض الإضاءة، مما يؤكد الحاجة إلى أساليب تصميمي وتخطيط بديلة تخفف من الاعتماد التام على الوسائل الصناعية لاسيما في فترات الذروة الحرارية خلال أشهر الصيف. خصوصاً وأن درجات الحرارة في بلادنا "حفظها الله" تمتاز بارتفاع معدلات الإشعاع الشمسي ودرجات الحرارة صيفاً، مما يعني زيادة في استهلاك الطاقة.
لذا كان من الأجدى إعادة النظر في أساليب التخطيط والتصميم التقليدية للمناطق السكنية والتي تجاهلت في معظم الاحيان سبل توفير الطاقة، ومن المهم البحث عن الأساليب الحديثة التي تعمل على مبدأ الاستدامة، ومن تلك الاساليب على سبيل المثال وليس الحصر :
- ( المدن البيئية / Eco Cities): المعروفه أيضا بالعمران البيئي, الذي يهدف بالتحديد إلى جعل المدن مبنية على مبادئ صديقة للبيئة بجعلها مرنة في التصميم بحيث يتم حفظ الموارد من النفاذ من خلال التوزيع الملائم لها واستخدامها المناسب لاستبدال الاستهلاك العالي للموارد البيئية الذي يمر بحالت اضطراب وسوء في التنظيم.
- (التخطيط الحضري الأخضر/Green urban planning): هو مصطلح آخر للتخطيط الحضري المستدام هو مصطلح عام لجعل كل من التخطيط الحضري والاقتصاد أكثر استدامة (غلق دائرة احتياجات الاحياء السكنية وتوفيرها في داخلها بهدف تحسين نوعية الحياة من خلال توفير الاحتياجات من الموارد من مسافات قريبة تمكن المواطنين من السير للوصول لها، وتصميم مدن قابلة للمشي وتوفر خدمات مواصلات عامة حتى يتمكن ساكنوها من توفير احتياجاتهم اليومية).
- (التراص أو الكثافة): تلعب دور مهما في التخطيط المستدام لدعمها التقليل من استخدام المصادر والاستفادة من خدمات المواصلات العامة (الكثافة القليلة هي إحدى خصائص التوسع الحضري وهو سبب رئيسي للاعتماد على السيارات الخاصة, والبنية التحتية غير الفعالة, وزيادة استهلاك الطاقة، وفقدان الأراضي الزراعية و الطبيعية, وزيادة التلوث).
- (الممرات المستدامة/Sustainable corridors): هي ممرات المشاة التي تقوم بربط منطقة سكنية بأخرى بطريقة آمنة وفعالة بحيث يمكن للأشخاص الانتقال من منطقتهم إلى المناطق الأخرى دون الاعتماد على السيارات. وتعتمد أيضا على التقليل من استخدام المواصلات العامة لما لها من تأثير في (استهلاك الطاقة وزيادة نسبة التلوث)، بحيث تصبح تلك الممرات الخيار الأفضل للسكان.