هل ننتقل للعيش بالقمر ؟!

هل ننتقل للعيش بالقمر ؟!

هل ننتقل للعيش بالقمر ؟!

لم يعد (السكن بالقمر) من المستحيل أو من الأحلام الصعب تحققها ، فالمهندس المعماري "نورمان فوستر" بدأ بالفعل بتصميم مبنى سكني "بالقمر" يتسع لأربعة أشخاص من شأنه أن يتواكب مع درجات الحرارة وأشعة جاما والنيازك على هذا الكوكب "كما نشرته مجلة البناء".

لكن السؤال المهم "كم سعر المتر بالقمر.!" هذا السؤال الذي لا يكاد أن تسمع كلمة أرض إلى وتجده عائقاً يحول دون تملك المواطن "لأرض ولو بالقمر..!". وإلى متى مؤشر أسعار المساكن في صعود..؟ هل من الممكن أن يصل سعر المسكن بصعوده المستمر إلى "القمر..!". هاجس أسعار المساكن لابد أن تكون له حلول "وليست من القمر" بل من تجارب من سبقونا في حل مثل تلك القاضيا، ومن تلك التجارب تجربة "اليابان"

بعد الحرب العالمية الثانية وتحديداً بعد سقوط قنبلتي (هيروشيما وناجازاك) في عام 1945م، شهدت اليابان نهضة كبيرة وتقدم واضح في جميع مجالاتها الاقتصادية والصناعية، فاليوم لا يكاد يخلوا منزل من منازلنا من منتجاتٍ يابانيه ذات دقة وجودة عالية، سواءً أكانت هذه المنتجات (سيارات.. حواسيب.. إلكترونيات وبرمجيات..وغيرها)، وهذا التطور لم يقتصر فقط على النهضة الاقتصادية، بل حتى التنمية العمرانية واكبت تلك النهضة، حيث أشارات التقديرات إلى أنه في عام 1947م، أي بعد عامين من تلك "النكسة" شهدت اليابان نقصاً كبيراً في عدد المساكن قدر بنحو (4,2 مليون وحدة سكنية..!!) تعهدت الحكومة بوضع خطة خمسية للحد من هذا العجز الكبير في المساكن، ووضعت لها الخطط لتحقيق هدفها "وحدة سكنية لكل أسرة". وتكاتفت جهود جميع الجهات في تلك الفتره لمعالجة هذا النقص الحاد.

ففي الخمسينيات (أي بعد بضع سنين من النكسة) وُضعت الأنظمة الأساسية للإسكان وصدر قانون الإسكان الحكومي، وتم إنشاء مؤسسة الإسكان الياباني، ومؤسسة قروض الإسكان الحكومي، بهدف سد تلك الفجوة الهائلة في نقص عدد المساكن. وفي الستينيات تم تنفيذ برامج الإسكان من خلال إصدار قانون الإسكان لدعم المساكن الحكومية بأكبر عدد ممكن، كما صدر قانون تخطيط بناء المساكن بهدف تنفيذها من خلال خطط خمسية. وفي السبعينيات بلغ بناء المساكن ذروته عند (1,9) مليون وحدة سكنية، وحققت اليابان جزء من هدفها من خلال شعار (وحدة سكنية لكل أسرة). وفي الثمانينيات انخفضت نسبة بناء المساكن إلى ما بين (1,1) مليون و(1,5) مليون وحدة، وهذا التراجع لم يكن بسبب تشبع الطلب على المساكن، بل نتيجة الزيادة السريعة في تكاليف الأراضي والبناء، وخاصة في طوكيو وناغويا، والمناطق الحضرية في أوساكا، والتي أُنشئت فيها وحدات سكنية جديدة بعيداً عن القدرة الشرائية للمستفيدين. وفي التسعينيات كان هناك ما يزيد عن (5 ملايين) وحدة سكنية، ومع أن معظم المساكن صغيرة نسبياً وفقاً للمعايير الدولية، إلى أن اليابان نجحت في تحقيق هدفها بتوفير المساكن حسب احتياج السكان.

أما اليوم فهدف اليابان ليس توفير المسكن بل تحسين المعايير والشروط الخاصة بالمساكن، ببناء مساكن ذات جودة عالية، وفق معايير واشتراطات تضمن من خلالها سلامة وراحت السكان، ولتُمكنهم من العيش بسلام (لكون اليابان تتعرض لخُمس عدد الزلازل في العالم).
نعم تلك قصة نجاح من نجاحات اليابان ولا ضير من أن نتعلم من تلك القصة ما جهلناه في واقعنا الحالي، فخطة التنمية التاسعة تشير إلى حاجة المملكة إلى قرابة (مليون وحدة سكنية..؟) ستتولى القطاعات الحكومية منها نسبة (22,5%)، بينما سيتولى القطاع الخاص نسبة (77,5%)، فأين هي الأنظمة والسياسات واللوائح التي قد تساعد هذا القطاع على العمل بتوفير (775,000 وحدة سكنية) خلال خمس سنوات قادمة؟، وهل سينعم كل مواطن بوحدة سكنية؟ وإن كان هذا هو المؤمول. فمتى؟. هل بعد خمس أو عشر أو حتى عشرين سنة؟ كما هو الحال في تجربة اليابان، وإن كانت كذلك... فهل هناك خطط وبرامج تم وضعها لتُلبي تلك الاحتياجات المتزايدة؟

كلنا ثقة بحرص جميع الجهات الحكومية على توفير المسكن المناسب لكل مواطن، وعلى رأس تلك الجهات وزارة الاسكان، التي نُقدر لها جهودها من خلال الاستراتيجية الوطنية للإسكان، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في دعم نشاطات و برامج الإسكان المختلفة، والتي نأمل أن تحقق أحلام الملايين من المواطنين الحالمين بمسكن خاص، ولكن المأمول هو الاستفادة من تجارب من سبقونا بأخذ إيجابياتهم وتلافي سلبياتهم.

الأكثر قراءة