«مقلع طميّة».. فانتازيا الألوان وأسطورة العشق

«مقلع طميّة».. فانتازيا الألوان وأسطورة العشق

لا حدود لتفاصيل الجمال، والتنوع التضاريسي الذي تزخر به المملكة، وثمة أماكن تتميز بندرتها، فرادتها، وعدم تكرارها في أي مكان آخر في أصقاع الأرض. ومن هذه الأماكن الموقع المعروف بـ ''مقلع طمية''.
المكان عبارة عن ''فوهة'' أو حفرة عميقة في الأرض، تأخذ شكلا دائريا، بقطر دائري إجمالي يبلغ نحو ثلاثة كيلومترات وبعمق 380 مترا. يقع إلى الجنوب الشرقي من المدينة المنورة، وفي موقع يتوسط محافظتي الطائف ومهد الذهب، كما يمكن الوصول إليها عبر طريق الرياض - الطائف السريع.
الحفرة كبيرة جدا، قطرها من الشمال إلى الجنوب يزيد على 1500 متر، ولا يمكن النزول إليها بسهولة إلا من خلال موقع صغير في الجزء الشمالي الشرقي، لكن عملية النزول والصعود تستغرق عدة ساعات، ويعتقد بعض الباحثين أنها نتيجة انفجار بركاني كبير، حيث يعتبرها كثير من الجيولوجيين والجغرافيين أنها أحدى كبريات فوهات البراكين على سطح الأرض، إن لم تكن أكبرها على الإطلاق، فيما يرجح البعض الآخر أنها نتجت عن سقوط نيزك، لكن لا يوجد إثبات لذلك. وثمة آراء لباحثين آخرين تعد هذه الفوهة من مخلفات براكين حرة كشب المشهورة في وسط شرق الدرع العربي، المتكونة في العصر الكامبري، الذي يعتبر أقدم العصور التاريخية.
وللدرع العربي شقيق يقع غربه وهو الدرع النوبي، لكن الأخدود العظيم الذي كون البحر الأحمر هو ما قسم الدرع الكبير ليكون درعين شرقي وغربي.
وقد أثبتت السجلات الجيولوجية أن آخر براكين شبه الجزيرة العربية كان في حرة رهط جنوب المدينة المنورة عام 1256. وأنت تنظر للفوهة، وتحدق فيها من الأعلى، تجد نفسك محلقا في عالم فانتازيا الألوان السحرية، فهناك اللون الأبيض في أرضيتها من الداخل، وهو عبارة عن أرضية مالحة يغطيها الملح مشكلا لونا أبيض ثلجيا يمكن أن يُرى بشكل واضح من أعلى الفوهة ويكسو وسطها، ويعتقد أن سبب تكونها يرجع إلى أن مياه الأمطار تتجمع في قاع الفوهة مكونة بحيرة صغيرة ضحلة لا تتسرب إلى باطن الأرض، وهناك لون أخضر يلمح في بعض النخيل والشجيرات التي نمت على منحدرات الفوهة، فعند النزول مسافة 15 مترا من سطح الأرض يلاحظ وجود عديد من أشجار النخيل والنباتات التي تنمو على عيون ماء صغيرة، وعند النزول أسفل الحفرة تجد القليل من الأعشاب الصحراوية وشجر الأراك التي سرعان ما تختفي كلما اتجهت وسط الحفرة.
لكن فانتازيا الألوان لا تنتهي عند هذا الحد، فالصخور المكونة لحواف ومنحدرات الفوهة التي تأخذ شكلا عموديا ورائعا في الوقت ذاته، وهي صخور نارية سوداء اللون متكونة من الماجما الشديدة، التي يشوبها في بعض تجلياتها احمرار يتناغم مع جمال الألوان الأخرى.
ولأنه معلم فريد غير متكرر، فقد أحاطت به الأساطير التي صاغها البشر متأثرين في ذلك بروعة المكان، وغرائبية الشكل، حيث تقول إحدى هذه الأساطير: إن جبل (طمية) أحب جبلا آخر يقع في نجد ويسمى (جبل قطن)، وكلف به عشقا وهياما فأقلع من مكانه مخلفا هذه الحفرة، وهبط في مكان قريب منه.
وهناك أسطورة أخرى تقول: إن جبلي طمية وعكاش جبلان من جبال الحجاز، وبسبب عشقهما لبعضهما هربا من تلك المنطقة رغبة في العيش معا وحدهما، وقالت العرب فيهما:
تزوج عكاش طمية بعدما
تأيم عكاش وكاد يشيب.

الأكثر قراءة