الإصرار وريادة الأعمال

توضح الإحصاءات في الولايات المتحدة أن نسبة الفشل في المشاريع الصغيرة تتعدى 50 في المائة منها، وما يبقى، لا يتعدى مرحلة خطر الخروج من السوق إلا بعد أربع سنوات على الأقل، فما يبقى لا يتعدى 30 في المائة من هذه المشاريع. وقد تكون هذه الأرقام محبطة لمن يرغب في تأسيس مشروع جديد صغير أو متوسط، إلا أنه يجب على الداخلين الجدد للسوق الالتفات إلى أمر مهم، وهو الإصرار على النجاح.
لو أمعنا النظر في معظم الأفكار العظيمة، التي كانت صغيرة في بدايتها، لوجدنا أنها بدأت على أيدي أناس لم يكن الفشل أحد خياراتهم أبدا، فلم يكن أمامهم إلا النجاح كخيار وحيد. إلا أن السبب وراء هذا الخيار الوحيد هو أنهم كانوا يعشقون ما يعملون، ولا يجدون أنفسهم إلا في تنفيذ أفكارهم وقناعاتهم.
ربما يمكننا هنا تشبيه المشروع الصغير أو الفكرة التي يقوم عليها المشروع بالطفل الرضيع، فلو كان لأحدنا طفل، فإنه سيسعى بكل ما أوتي من قوة وإرادة وموارد لتسخير نفسه وكل ما يملك لكي يرى هذا الطفل رجلا ناجحا سعيدا، وهذا ما يحتاجه المشروع الصغير، أن تحبه كابن، لا كخيار، كمصير لا كوسيلة، أن تنظر له وكأنه امتداد لك كظلك على الأرض.
ما ذكرته أعلاه ليس مبالغة أبدا، بل هناك أدلة كثيرة على أن حب الفكرة والإصرار على تنفيذها هو عامل النجاح الأكبر في كل التجارب الناجحة، التي أثّرت في حياتنا بشكل كبير وجذري. شخص كـ "هنري فورد" كان عاملا في شركة تصنيع سيارات، لا يفقه في الهندسة الميكانيكية شيئا، أسس شركة فورد للسيارات، لأنه أصر أن يكون صانعا للسيارات. أما التجربة المعاصرة الأوضح أمامنا هي تجربة ستيف جوبز. لقد فشل جوبز أكثر من مرة، ولم تكن محاولاته الفاشلة ذات تكلفة زهيدة أبدا، فقد خسر مئات الملايين جراء إصراره على المضي في تنفيذ أفكاره، وواجه صدمات نفسية حادة جدا، إلا أنه نجح في نهاية الأمر في تطبيق رؤيته التي قادته للنجاح.
يقول جوبز: (إن فعلت ما تحب، فستحاول حتى تنجح، أما الذين ينسحبون، فهم لا يفعلون ما يحبون). إن المبدأ الذي يقوم عليه العمل الحر المستقل هو أن يكون الإنسان صاحب حلم يسعى لتحقيقه، لا عنصرا مستخدما في تحقيق أحلام الآخرين. إصرارك على نجاح مشروعك سيوصلك للنجاح حتما، وما النجاح إلا نتيجة لكم كبير من المحاولات الفاشلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي