في حراج بن قاسم.. كل شيء يباع بعشوائية
كشفت جولة ميدانية أجرتها ''الاقتصادية'' على سوق الخردة في حي المنصورة جنوب الرياض أو كما يطلق عليها ''حراج بن قاسم''، عن وجود بضائع مغشوشة ومقلدة، إضافة إلى ضخ كميات كبيرة في السوق بعضها غير معلومة المصدر، إلى جانب وجود شبهة على بعض البضائع، كما بينت الجولة وجود عمالة سائبة بشكل كبير تستغل مرتادي السوق وتعمل على تصريف تلك البضائع بطرق متنوعة ومشبوهة بعيدا عن أعين الجهات الرقابية المعنية، الأمر الذي اعتبره عدد من مرتادي السوق بـ''الخطير''، مطالبين الجهات المعنية بضرورة التصدي لتلك الأعمال. ويعد حراح بن قاسم من أقدم وأشهر الأسواق الشعبية في العاصمة (الرياض)، حيث يجد إقبالاً من قِبل الزبائن من كل مكان، وتتنوع فيه السلع والمستلزمات، بما في ذلك القطع الأثرية والقديمة، ويرى مرتادوه أن سبب تبضعهم من الحراج يعود إلى وجود سلع مستعملة رخيصة الثمن تتناسب مع أصحاب الدخل المحدود.
ورصدت ''الاقتصادية'' في جولتها الميدانية وجود كم كبير من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي يتم تداولها في السوق، وهي منتجات رديئة الجودة من الصناعة الصينية، دخلت من خلال منافذ وحدود السعودية، وتساءل المتسوقون: ''كيف دخلت إلى أسواقنا؟''.
وحول أندر ما تم بيعه أخيرا في الحراج قال مؤمن المطيري - أحد الباعة في السوق: ''إن إحدى عمليات البيع والشراء التي قام بها عبارة عن علب شاي، فاق عمرها الـ 30 عاما، اشتريتها بـ 600 ريال، وأعدتُ بيعها بـ 14 ألف ريال''، مؤكدا أن حراج بن قاسم يعد مفتاحا لأرزاق الكثير من الذين يعملون فيه، خاصة في ظل قلة الرواتب وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة''.
وتأتي ذروة الازدحام في حراج بن قاسم عادة أيام عطلة نهاية الأسبوع يوم ''الخميس والجمعة''، حيث يرتاد السوق الآلاف من المتسوقين من جميع الجنسيات، حينها تغلق الطرقات، وتلاحظ العشوائية في عمليات البيع والشراء، وكذلك ضعف المتابعة من الجهات المسؤولة، وافتراش الطرق والأرصفة، حيث يتم بيع كل ما يخطر على البال من السلع المقلدة والمغشوشة المستعمل منها والجديد، إضافة إلى ترويج البضاعة المسروقة بكميات كبيرة دون تسجيل أو تدوين، كما أشار إلى ذلك بعض مرتادي الحراج.
#2#
وتشهد السوق كميات كبيرة من البضاعة التي لا يُعرف مصدرها دخلت على مرأى الجميع، كما تنتشر العمالة المخالفة، ويتسبب افتراش الباعة في وجود اختناقات مرورية كبيرة لشوارع الخدمة، الأمر الذي أدى لتذمر أفراد المرور المتواجدين في الموقع، خاصة مع عدم إزالة المخالفات التي تتسبب في إغلاق الطرق الرئيسة عند الحراج.
وأكدت إدارة مرور الرياض، إن الفوضى المرورية المحيطة بحراج بن قاسم، سببها الرئيس يعود إلى تنظيم وتخطيط الأمانة للشوارع المحيطة به، مشيرة إلى أنها لا تتناسب مع العدد الكبير للمحلات المنتشرة فيه والتي تشغل مساحة كبيرة.
#3#
ووصف اللواء عبد العزيز أبو حيمد مدير مرور منطقة الرياض، التصميم الهندسي المعمول به حالياً في السوق بـ ''السيئ''، مؤكدا أن عدد المحلات الكثيرة لا يتناسب مع مواقف السيارات، ولا يتوافق كذلك مع أعداد المتسوقين، لافتاً إلى أن تهيئة المواقف سيساهم في حل المشكلة بشكل كبير. من جانبهم، طالب باعة في الحراج بعمليات تنظيم للحراج من جانب الجهات المعنية، مؤكدين أن البلدية تغيب عن السوق فترات طويلة تمتد إلى أشهر، مشيرين إلى أن مزاولة عملهم على قارعة الطريق (مخالفة للنظام)، عبر ابتساطهم الطرقات وافتراشهم الأرصفة بما فيها الطرق الرئيسة، وقالوا: ''إن التنظيم يعود علينا وعلى المتسوقين ورجال المرور بالنفع''.
وأكدت لـ ''الاقتصادية'' مصادر في وزارة التجارة أن المسؤولية المباشرة بالرقابة على حراج بن قاسم تقع على أمانة منطقة الرياض، من خلال فرع البلدية، مشيرة إلى أنها المسؤولة عن التنظيم ووضع السوق ككل.
وأضافت أنه يشترك مع البلدية في الرقابة على مثل تلك الأسواق وزارة التجارة والصناعة وهيئة الغذاء والدواء، حيث إن ''التجارة'' تراقب البلاغات الواردة إليها عن أي عمليات غش تجاري، كما أنها معنية بالدرجة الأولى بالمنتجات المصنعة محلياً من حيث مراقبتها واستقبال الشكاوى حيال المنتجات المغشوشة منها.
#4#
وقالت المصادر: ''أما المنتجات المصنعة خارجياً والموردة إلى السعودية فإن المسؤولية بالدرجة الأساس تقع على الجمارك، لأنها هي المعنية بفسح تلك المنتجات على حدود ومنافذ الدولة، ومن الأهمية أساساً التصدي لدخولها عبر تلك المنافذ''، مؤكدة أن وزارة التجارة والصناعة معنية بالأسواق والمجمعات والمحال التجارية التي تتبع لشركات أو مؤسسات والمنتشرة في معظم المدن السعودية، مبينة أنه تتم الرقابة عليها بشكل مباشر واستقبال الشكاوى بحكم أنها هي المعنية بالدرجة الأولى عن إجراءات مباشرة عملها في السوق المحلية والرقابة عليها.
وأبانت أن وزارة التجارة تتابع المصانع المحلية بشكل دوريّ، وخاصة ناحية أي غش أو تزييف ينتج منها حيث تتم مخالفتها والتشهير بها في وسائل الإعلام، كما حدث مع عدد من المصانع والشركات خلال الفترة الماضية. فيما أكد عبد العزيز السبيعي أحد الباعة، أنه يدخل إلى السوق كل شيء، الجديد والمستعمل، الصالح والتالف، المقلد والأصلي، من عطورات وإكسسوارات وكماليات وأدوات صحية وقرطاسية، وكذلك التحف والهدايا وشواحن الهواتف النقالة، والتلفزيونات والرسيفرات، وألعاب الأطفال والدمى، والأشرطة المنسوخة (CD)، إضافة إلى العديد من إطارات السيارات المستعملة وكذلك الجنوط، وأسطوانات الغاز. وقال: ''لا يخفى على الجميع أن السوق تستقبل يومياً كميات كبيرة من البضاعة المسروقة، أو دعنا نقول ''مجهولة المصدر''، حيث يتم تصريفها من خلال مزادات صغيرة بين الباعة في السوق، وأنهم يحاولون قدر المستطاع حماية أنفسهم من خلال تدوين بيانات البائعين لأنواع معينة من السلع''، مبينا أن غالبية التركيز يتم على أسطوانات الغاز بحجميها الصغير والكبير، إذ تتوافر السرقات خاصة في مواسم العطل والإجازات، وسفر العديد من سكان الرياض خارج المنطقة، الأمر الذي يستغله اللصوص، وتكثر حينها السرقات. ورأى محمد الشهري أن هناك أنواعا معينة من السلع تنشط عملية بيعها وشرائها في بعض المواسم، لافتا إلى أن الأرز يجد سوقاً رائجة خاصة بعد موسم عيد الفطر المبارك، إذ تكثر الكميات المتدفقة إلى السوق، وبأحجام مختلفة بالنسبة للأكياس ولجميع الأنواع، وعن السبب في انتشار الأرز في تلك الفترة تحديدا يقول: ''بعض الأسر الفقيرة تكون قد جمعت كميات كبيرة منه كصدقة الفطر، وتنتظر بعد العيد لتصريف تلك الكميات والحصول على النقود''.
وذكر سلطان - أحد الباعة القدامى في الحراج - أن كثرة العمالة الوافدة والمخالفة لأنظمة الإقامة والعمل تسيطر على السوق بشكل كبير، مُرجعاً السبب لغياب الجهات المعنية، مؤكدا أنه قام وبعض الباعة بزيارة بلدية البطحاء مرات عدة مع مجموعة من الباعة السعوديين، يطالبون بتحسين وضع السوق، وتقنين المخالفات الموجودة، إلا أنهم لم يجدوا أي تجاوب من قبل مسؤوليها، لافتاً إلى أن البلدية كانت تمنع افتراش الطرق من السبت حتى الثلاثاء، وفي الوقت الراهن يتم الافتراش على مدار الأسبوع، بسبب غياب دور البلدية عن الحراج.
حاولت ''الاقتصادية'' بدورها التواصل مع محمد الضبعان المتحدث الرسمي لأمانة منطقة الرياض، والاستفسار عن شكوى الباعة من أصحاب المحال عن أقرانهم المخالفين لنظام البيع في السوق، إلا أنها لم تتلقَ ردا من المتحدث الرسمي، سواء على الرسائل النصية أو الاتصالات المتكررة، وكذلك خدمة ''الوات ساب''.