خطوات لتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية العربية

تتجه أنظار الشعوب العربية صوب العاصمة السعودية الرياض عاقدة الآمال والأمنيات على النتائج والقرارات، التي ستتمخض عن القمة العربية الاقتصادية الثالثة، التي ستستضيفها الرياض خلال الفترة 21 - 23 كانون الثاني (يناير) من العام الجاري.
دون أدنى شك، فإن هذه القمة تختلف عن سابقاتها من القمم العربية الاقتصادية والاجتماعية، التي عقدت في الماضي، وذلك لاعتبارات عدة، من بينها المتغيرات في الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي شهدتها معظم البلاد العربية، نتيجة لما سُمي بالربيع العربي، الذي تسبب في حدوث العديد من الثورات العربية، التي انتهت بإحداث تغيير جوهري وأساسي في الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، لكنها في الوقت نفسه تسببت في حدوث تراجع كبير في النمو والأداء الاقتصادي في تلك الدول نتيجة للاضطرابات السياسية والفلتان الأمني الذي صاحب تلك الثورات.
يتوقع عدد من الخبراء الاقتصاديين العرب أن تركز قمة الرياض على الآلية المناسبة لإعادة إنعاش الاقتصاد العربي الذي أصابه، كما أشرت، تراجع ملحوظ في الأداء نتيجة للثورات العربية، حيث لا تزال اقتصادات عربية حتى اليوم، تعاني مآسي اقتصادية خطيرة أثرت بشكل ملحوظ في استقرار وسلامة وتيرة النمو الاقتصادي في تلك الدول.
ويتوقع أيضاً لقمة الرياض أن تركز على مناقشة قضايا وملفات اقتصادية واجتماعية عربية عالقة لا تزال تحدّ حتى يومنا هذا من قدرة القطاع الخاص العربي على تفعيل دوره التنموي المطلوب منه للنهوض بالاقتصاد العربي، ولا سيما أن الاقتصاد العربي يعاني العديد من المشكلات الاقتصادية العويصة التي تقف عائقاً حقيقياً في وجه نموه الاقتصادي، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، قضية انتشار البطالة بين الشباب العربي وضعف مساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الكلي العربي، وعدم القدرة على تحقيق الأمن الغذائي والتعامل مع الشح الواضح في الموارد المائية، وإلى غير ذلك من المشكلات. كما أن وجود قضايا اقتصادية أخرى شائكة لا تزال عالقة ولم تتمكن الدورتان السابقتان (الكويت وشرم الشيخ) من معالجتهما، فاقم من حجم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، التي يعانيها الاقتصاد العربي، التي من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، الربط البري والسككي وتفعيل الاتحاد الجمركي المقرر اكتماله في عام 2015، إلى جانب زيادة حجم التجارة البينية وتدفق الاستثمارات في المنطقة العربية.
البيان الصادر عن ''إعلان الرياض'' لمنتدى القطاع الخاص العربي التحضيري للدورة الثالثة للقمة العربية التنموية .. الاقتصادية والاجتماعية''، الذي عقد في مدينة الرياض خلال 12 - 13 كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، تحت شعار ''نحو مشاركة فاعلة للقطاع الخاص في مبادرات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي''، بتنظيم مشترك من الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، ومجلس الغرف السعودية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ركز على أهمية تعزيز مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك في هذه المرحلة المفصلية الحرجة التي تمر بها المنطقة العربية، وبالشكل الذي يخاطب حاجات التنمية والتكامل الحقيقية بين البلدان العربية، ويلبي في الوقت نفسه حاجات المواطن العربي الأساسية، بشراكة فاعلة من القطاع الخاص العربي.
لكن حتى يتمكن القطاع الخاص العربي من المساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية العربية، لا بد من توفير البيئة التنظيمية والبنية التشريعية العربية المناسبة له، بما في ذلك تقديم له كل أنواع الدعم والتسهيلات، التي تمكنه من الإبداع والابتكار والتطوير، ولا سيما أن القطاع الخاص، يعد المصدر الرئيس والحقيقي للنمو الاقتصادي والشريك الأساسي للحكومات العربية في صياغة السياسات التنموية وفي بناء القدرات والمهارات وتوجيهها نحو الإنتاج والابتكار والتجديد.
من بين الخطوات الفاعلة التي يتطلع إليها القطاع الخاص العربي لإزالة العقبات التي تواجهه في إطار العمل العربي الاقتصادي المشترك، تسهيل حركة دخول وإقامة وتنقل ومغادرة المستثمر العربي، بحيث تعطي حرية أوسع للمستثمرين العرب وأسرهم، إضافة إلى توفير قنوات متعددة للتمويل وضمان الصادرات، والتغلب على مشكلة تأخر إنجاز مشروعات الربط بين البنى التحتية والنقل للدول العربية، وبما يحقق التقدم المرجو في تنفيذ المشروعات.
البيان الصادر عن ''إعلان الرياض'' لمنتدى القطاع الخاص العربي سالف الذكر، ركز على أهمية تعزيز الجهود المرتبطة بتنفيذ المبادرة، التي أطلقت في قمة الكويت الاقتصادية بشأن دعم مشروعات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة وتمويلها، ولا سيما أن هذا النوع من الشركات والمؤسسات يمثل السواد الأعظم من أعداد الشركات والمؤسسات على مستوى الوطن العربي، ويسهم بشكل فاعل في دول صناعية كبرى في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول، كما أنه مسؤول مسؤولية مباشرة عن خلق الوظائف في الاقتصاد. من بين الخطوات كذلك التي ستعمل على إزالة العقبات أمام القطاع الخاص العربي، اتخاذ إجراءات عملية سريعة تمهيداً للانتقال الفعلي، وليس الشكلي، إلى مرحلة الاتحاد الجمركي في 2015، ثم السوق العربية المشتركة في 2020.
الإعلان المذكور ركز أيضاً على ضرورة وضع سياسة عربية مشتركة للتنمية الزراعية والغذائية، التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي العربي، وتدعيم ذلك بتوفير الآليات المناسبة لتطوير المؤسسات والإدارات ومراكز الأبحاث المرتبطة بهذا القطاع الاستراتيجي وتحديثها، إلى جانب تقديم الحوافز المناسبة لتشجيع القطاع الخاص العربي على الاستثمار في مشروعات الأمن الغذائي التي لا تقتصر على المشروعات الزراعية فقط، بل تشمل أيضا مشروعات التصنيع الغذائي ومختلف النشاطات الاقتصادية المرتبطة بالغذاء.
آخراً وليس أخيراً ركز الإعلان على ضرورة تعزيز مناعة ودور القطاع المصرفي العربي في التنمية والتكامل الاقتصادي العربي، والعمل على اتخاذ المزيد من الإجراءات الاحترازية، ودعم خلق تكتلات مصرفية عربية وآليات تعاون أقوى لمواجهة أية أزمات أو تطورات مستقبلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي