الأحفاد في جازان يعيدون إحياء رقصات وإيقاعات الأجداد
لكل منطقة على مساحات الوطن المختلفة تراثها الشعبي الذي تستمده من وحي المجمتع بكل تفاصيله الموغلة في التاريخ، وجازان شاهدة على تراث متنوع صاغه الأجداد وغابت بعص تفاصيله، إلا أنها عادت للظهور على أيدي الأحفاد الذين ارتبطوا بهذه التراثيات إيمانا منهم بأنه جزء من المجتمع، حيث تحظى المناسبات العامة والخاصة وحفلات الزواج بوجود لافت لهذه الرقصات والإيقاعات.
موسى خليل الجبيري "مؤسس فرقة شعبية" أوضح للاقتصادية أن أبناء جازان توارثوا هذه الرقصات وحافظوا عليها كيلا تخبو وتضمحل، إذ لا فائدة من المجتمعات التي تنسى تراثها أو لا تحاول إحياءه والحفاظ عليه من الاندثار، وجازان ثرية جدا بهذه الموروثات والفلوكلور الذي بقي صامدا رغم عوامل عدة منها الحداثة والموسيقى المتطورة التي حاولت أن تنأى بالجيل، لكن أثبت حفاظه واستماتته في بقاء الفنون الشعبية في منطقة جازان يرتبط ظهورها بكل ألوانها بالمناسبات الاجتماعية التي درج عليها أبناء جازان من الزواج إلى استقبال الضيوف مروراً ببعض العادات والتقاليد التي تستوجب الاحتفاء بها بمصاحبة هذه الألوان، ورغم مضي السنين وتغير أنماط الحياة الاجتماعية على نحو كبير، فلا تكاد تخلو مناسبة في منطقة من مناطق المملكة من رقصة من الرقصات الشعبية الملائمة، مما منحها الاستمرارية إلى الوقت الحاضر.. ولعل منطقة جازان واحدة من مناطق عدة ما زالت تحتفظ بكل قوة بتراثها الشعبي الذي امتزج بنمط حياة أبنائها الاجتماعية السائدة منذ زمن بعيد، فأصبحت جزءًا أساسياً من تلك التي ترمز لمناسبات مختلفة تناقلها جيل إثر جيل حتى غدت تشكل إرثا ثقافيا متميزا.
وأضاف الجبيري "من الرقصات المشهورة في جازان رقصة السيف، وهي عبارة عن رقصة صامتة تؤدى دون نشيد، وتكون عادة في مناسبتي الزواج والختان، حيث تبدأ بقرع الطبول حتى يجتمع الناس من المعازيم ويدار الرقص ثنائياً، حيث يمسك الراقصان المتقابلان بسيف مسلول أو عصى ويتم الرقص برفع إحدى الرجلين وخفض الأخرى بالتناوب السريع مع ارتفاع الجسم وانخفاضه في حركة رشيقة عندئذ يلوح كل راقص بسيفه يمنة ويسرة أثناء الرقص، أيضا هناك العرضة التي تجد رواجا كبيرا في الوقت الحالي خاصة بعد أن أدخلت عليها الموسيقى في الحفلات، مما أكسبها قوة في الحضور، وهي عادة تبدأ بعد صلاة العصر إلى قبيل المغرب، وتقرع الطبول، ويشكل المتفرجون شكلاً خاصاً شبه دائري توضع الطبول في قاعدته، فيما يشكل الراقصون صفاً واحداً أو صفين ممسكين السيوف أو العصي أو بدونها. ويبدأ الراقصون العرضة بالرقص الرزين الهادئ مع نقل الأقدام والسير إلى الأمام في مسيرة نظامية مثل حركة الاستعراض، ويتقدمهم أحد أمهر الراقصين للإيعاز بحركات معينة تؤدى أثناء الرقص.
كذلك رقصة الربخة والمعشي والعزاوي التي تتطلب مهارة في أدائها، حيث يمثل الإيقاع فيها عاملا مهما، وكذلك رقصة الزيفة، وقد تسمى الخطوة، وهي رقصة جماعية غنائية تُقام ليلاً في مناسبات الختان وغيرها، حيث ينقسم الراقصون إلى صفين، ويقوم الشاعر بتلقين الصف الأول نشيداً ملحناً من مقطعين وأربعة مقاطع، ويلقن الصف الثاني نشيداً آخر ليتفق النشيدان في آخر كل كلمة بطريقة الجناس، ويختلفان في المعنى، ويسمى الأول المرسم والثاني الردود، ويبدأ الرقص بدقات الطبول.
وقال الجبيري لا بد أن تهيئ الجهات المعنية بحفظ هذا التراث وعلى رأسها جمعية الثقافة والفنون في جيزان والفرق الخاصة التي تكونت إيمانا بأهمية الموروث، أرضية خصبة من شأنها تعليم النشء كيفية أداء الرقصات بطرقه الصحيحة، خاصة أن الآلات الموسيقية، بدأت تدخل مضمار الموروث، وهو ما عزز حضور الموروث والرقصات الشعبية في مختلف المناسبات دون أن تخل بالخط الشعبي العريض داخل كل موروث أو رقصة أو فلولكلور.