دراما العملة الخليجية

دراما العملة الخليجية

دراما العملة الخليجية

يعد مشروع العملة الخليجية الموحدة من أهم الأهداف المستقبلية التي تهدف إلى تقوية العلاقات الدوبلوماسية والتجارية لإعضاء مجلس التعاون الخليجي. بل أن بعض السياسين يرون أن أصدار العملة الخليجية الموحدة سوف يكون بداية التحول إلى الأتحاد الخليجي. حيث أن أتحاد مجلس التعاون الخليجي بات مطلباً مهما ً لمواجهة التوترات السياسية التي تدور حول المنطقة. ولكن من ناحية أقتصادية، أظن والله أعلم، أن هناك الكثير من تعقيدات التي ماتزال تصاحب أطلاق هذا المشروع المهم في تاريخ منطقة الخليج العربي. لذا ومن هذا المنطلق فأنه يستحضرني الكثير من التساؤلات التي أستوحيها من تداعيات الأزمة المالية الأوربية والأمريكية والتي من خلالها أرغب توضيح بعض أوجه التشابهات والأختلافات التي قد تصب إيجابيا أوسلبياً حول مشروع العملة الخليجية الموحدة.

من أهم التسؤلات الجوهرية حول أطلاق العملة الخليجية هو حول ما هية نظام صرف العملة الذي سوف يتبعه البنك المركزي الخليجي. فكما هو معروف فأن معظم دول مجلس التعاون الخليجي يتبعو نظام صرف ثابت مع الدولار الأمريكي. وسواء تم إتباع نظام ثابت أو خلافه كلاً على حد سواء سوف يكون له تأثيره المختلف، بحيث أن ربط العملة الخليجية الموحدة بدولار سوف يتنج عنه تخلي بنك الخليجي المركزي عن سيادة السياسة النقدية و تبني سياسة البنك الفدرالي المركزي للولايات المتحدة الأمريكية والذي سوف يتحكم بسعر الفائدة وحجم تدفق السيولة النقدية. وتعد أداتي التحكم بسعر الفائدة والسيولة النقدية من أهم الأدوات لتعامل مع حالات التضخم والركود الأقتصادي. ولكن من جهة أخرى، فأن الحفاظ على سعر صرف ثابت يقابله الحفاظ على قيمة أعلى بحيث أن فك ربط العملة مع الدولار من الأرجح أن يصاحبها أنخفاض كبير في قيمة العملة الخليجية مقابل الدولار والذي سوف يؤدي إلى أنخفاض قيمة دخل مبيعات النفط الذي يتم تداوله بدولار الأمريكي في الأسواق العالمية. لذا فأن أنخفاض العملة الخليجية أمام دولار سوف يؤدي إلى إنخفاض الدخل الوطني وذلك لأن الدولة تبيع بدولار وتنفق بالعملة المحلية مما يؤثر على قيمة الدخل بتأثير سعر الصرف، كما أن معظم أتفاقيات الدولة مع الشركات العالمية بدولار الأمريكي وبالتالي سوف يزيد التكلفة على الدولة. وبالأضافة، عندما يكون سعر صرف العملة غير ثابت سوف يؤثر ذلك على البيئة التجارية وحجم العقود مع الخارج بسبب تذبذب سعر الصرف. وهذا أيضا يؤدي إلى زيادة في التكلفة من خلال عدم أستقرار السوق و سوف تكون التكلفة أكبر إذا ما صاحب عدم الأستقرار أرتفاع في قيمة الدولار بسبب زيادة تكلفة الواردات المتؤثرة بسعر الصرف.

كما رأينا فأن جميع الخيارات المتعلق بسعر الصرف لها تأثيرها على أقتصادنا بشكل كبير، فأذا ربطنا العملة الخليجية بدولار سوف يتخلى البنك المركزي الخليجي عن السياسة النقدية وسوف يتأثر أقتصاد مجلس التعاون الخليجي بأقتصاد أمريكا بشكل كبير. وإذا تم تبني سعر صرف غير ثابت فذلك سوف يصاحبه عدم أستقرار في التعاملات التجارية وزيادة تكلف الواردات بالإضافة إلى أنخفاض الدخل العام وأنخفاض معدل الثروة في المجتمع.

ويرجح كثيرا من خبراء الأقتصاد إلى أن ربط العملة الخليجية بدولار الأمريكي يعد من أفضل الحلول لما له من نتائج أيجابية في أستقرار سوق النفط وبالتالي الحفاظ على قيمة الدخل الوطني كما أن ذلك سوف يسهل عملية تأقلم البيئة التجارية في الخليج العربي مع التعامل مع العملة الخليجية الموحدة. وبرأي الشخصي المتواضع أنه لايمكن معرفة ذلك في المدى القريب كون الوضع الأقتصادي في أمريكا سيء جدا والعجز العام يقدر ١٠٧ بليون دولار. ويرى كثير من الأقتصاديين في أمريكا بأن تحسن الأقتصاد الأمريكي لنا يحدث إلا بتحسن مستوى الصادرات وبالتالي فأن أنخفاض قيمة الدولار تعتبر من أهم العوامل لدفع عجلة الصادرات. أنخفاض قيمة الدولار تعني أنخفاض مدخولنا الوطني كما أن تحسن الأقتصاد الأمريكي سوف ينتج عنه زيادة في معدل التضخم الأمريكي والذي سوف يتبناه بنكنا الخليجي الموقر بسبب ربط العملة الخليجية بدولار الأمريكي.

ومن جهة أخرى، تبقى الأزمة المالية الأوروبية متعة الدرما الأقتصادية ومحور الأسئلة الصعبة حول مشروع العملة الموحدة. فأذا كان البنك المركزي الأوروبي وبكامل أستقلاليته عاجز عن حل أزمة اليونان. هل سوف يستطيع البنك المركزي الخليجي مواجهة مثل هذه التحديات مستقبلا. بتصوري لو وجد الجواب لتم حل الأزمة المالية الأوروبية !!

قد نكون في حاجة ماسة لتطبيق الأتحاد الخليجي بأسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات السياسية التي تهدف لزعزعة آمننا وأستقراره ولكن العملة الخليجية الموحدة ماتزال تحتاج الكثير من الدراسة والأبحاث لمعرفة نتائجها الأقتصادية على خليجنا العربي.

الأكثر قراءة