انتبه يا سعادة المدير
انتبه يا سعادة المدير
في خضم التغييرات الجذرية والمتسارعة في مجتمعاتنا العربية مازالت هناك عقليات ادارية تنتشي سكرة الماضي ولم تفق من الاستبداد الذي تشربته ردحا من العقود الظلامية وتغلغل في اعماقها وتجذر في نفوسها , فكل مدير يعتقد انه هو الشخص الاوحد الذي به تعيش وتحيا المنظمة وبدونه تهرم و تموت وهو بذلك يسعى لتحجيمها في شخصه الكريم او غير الكريم وهو ما يؤدي بها بالتالي الى تقزيم قدراتها وامكانياتها وميزاتها في حجم امكانيات وقدرات هذا المدير صغرت او كبرت .
والعجيب في الامر ان مع هذه التغيرات فانه مازال يطل مدراء جدد يلبسون عباءة الماضي البالية وتعجبهم اشد الاعجاب مفتونين بها رغم اهتراءها بحيث لا يرى الا نفسه والمرآه التي لا تريه الا نفسه متناسيا او متجاهلا من هم حوله او ما يدور في فلكه .
زمن المدير الجاهل ولا وبلا رجعة فمن ليس لديه رصيد معرفي وثقافي وحتى لو كان معه اعلى الشهادات واعلى المناصب فليس لوجوده في هذا الزمن داعٍ وبقاؤه على راس الهرم محال او أيل في زمن قصير الى محال والاصلح له وللمنظمة ان يعتزل العمل ويستثمر في ابناءه او من يريد ليحققوا له ما يصبوا اليه و يريد .
وكل مدير يجب ان ينزع عنه شخصنة الامور وثقافة "ما اريكم الا ما أرى" ويمد جسور التواصل مع الموظفين والمرؤوسين الذين يراسهم ويخلق بيئة تنظيمية محفزه وصحية ويسعى لإيجاد مناخ مؤسسي وتنظيمي صحي وخلاق يكون للجميع فيه لمسة وابداع واسهام فكل شخص فينا له ميزة تميزه عن غيره يستطيع المدير اكتشافها واستثمارها في صالح المنظمة وكل منا له قدرات وامكانيات وخبرات تصلح في مكان و لا تصلح في مكان اخر لذا يتوجب على المدير البحث عنها وتفقدها و استخدامها في المكان والوقت الذي يناسبها .
فالمدير جديدا كان او قديما يتعين عليه ان ينسلخ من عباءة الماضي ويرتدي حلة المستقبل وتاجه و يهتم بشكل رئيسي بالأمور التالية :
1. اشباع حاجات موظفيه التي تنقصهم لكي يتسموا بنوع من الاستقرار والتوازن النفسي الذي يجنبهم الاحباط والاحتراق الوظيفي واللذان مؤداهما تلاشي الانتاجية و الفاعلية.
2. مراعاة احتياجات واهتمامات الموظف الاجتماعية فان الموظف سياق مجتمعه وجزء منه والوظيفة جزء من كل فأخذ ذلك في الحسبان يولد لدى الموظف نوع من الاتساق والاطمئنان وزيادة الانتاجية ونمو الابداع والارتباط والولاء للمنظمة ولقادتها .
3. الرغبة الجامحة للموظف للنمو والترقي فكل شخص لديه طموح يسعى لتحقيقه والوصول اليه فالمدير الناجح من يوجه هذا الطموح بشكل سليم وناجح وبما يخدم المنظمة ويرضي الموظف وان يربط اهداف نجاح المنظمة بأهداف نجاح موظفيه ويجب ان لا يكون عائقا لطموح مرؤوسيه فهو بذلك سيكون قد حكم بدمار منظمته وهلاكها والحكم على مستقبله كمدير بالفشل والانهيار .
4. الثقة اهم عنصر يجب زرعه في نفس الموظف فهي محضن الابداع والتطور وبدونها يجمد الموظف ويصيبه الخمول والتردد والاحجام بدلا من الاقدام .
5. المشاركة في اتخاذ القرار فالموظف اشد التزاما في تبني القرارات التي شارك فيها منه في القرارات التي تملى عليه .
6. واخيرا يجب على المدير ان يمد جسور التواصل والصلة مع الموظفين وان يكون علاقات دافئة حميمة معهم وان يشجع على ذلك ويخلقه بنفسه , فبيئة العمل هي الجزء الاكبر من الوقت الذي يعيشه الموظف في حياته ومع زملاؤه , فان لم يحس بان بيئة العمل بيئة عائلية دافئة مستقرة فهو حتما سيبحث عن مصدر دفء وامان واستقرار .
ختاما ملاك ذلك كله في البناء المعرفي والثقافي الذي يتطلب على المدير تنميته وتطويره لكي يسير على المسار الصحيح وتحقيق ما يطمح اليه ويضيف قيمة لمجتمعة ويضع له بصمة واثر تتوارثها الاجيال ويكون مثالا يحتذى به ويضاف الى كوكبة الناجحين الذين اضافوا الى مجتمعاتهم واوطانهم .
"القادة الافذاذ من يخرجون من طريقتهم ويعززون تقدير موظفيهم لذواتهم فسوف يكون مدهشا ما يستطيعون انجازه وتحقيقه" سام والتون.