ثمة كتب تناسبك أنت !!
ثمة كتب تناسبك أنت !!
في صَالات الانتظار ، والمِتْرُوهات ، وفي الحدائق ، وعلى جَنَبَاتِ الطُرُق؛ تتكرر مُشَاهَدة من يُمْسِك بِيَده كِتابا . قد تتعجب ! لكن لا أقصد هُنا، ولكن في اليابان ذلك الشعب الذي يُقَدس المَعْرفة ويُحِب القراءة ويُحَارب الجَهل والأُمِية .
هل لنا أن نَعُد لِلْوَرَاء، وَنَتَذَاكَر معاً أول آية أُنْزِلت على نَبِينا محمد صلى الله عليه وسلم وهي قوله تعالى : "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ" (العلق 1-3 ) وقد أَدْرك المُسْلِمون ذلك الوقت بِفِطْرتِهِم السليمة وعُمْق إيمانهم مَا فِي هَذِه الدعوة مِن وُجُوبِ تَلْبية أمر الله سُبحانه فَتَسَابقوا إلى حَلَقات العِلْم، يَنْهَلون منها، لِهَذَا نَحْنُ أولى الناس بِالقِراءة وتَنْشِئَة أطْفَالنا على حُبِهَا، وعلى الرغم من تَوَسُعِ التكنولوجيا وانتشارها واسْتِسْهَال الناس أخذ المَعْرفة ِمنْها إلا أن الكتاب كان ومازال ، هو سَيْد أدوات المعرفة .
أَظُنُ أن الجميع يَتَوافق مَعِي فَي احْتِرَام مَشْهد الرّجُل وهُو مُمُسِك كِتَاباً يَتَصَفَحُه للاستفادة مِن وقتٍ يَجْلسه لانتظار أَحَدِهم أو يَسْتَمْتِع بِه على الشَاطِئ أو فِي المُتْنَزه أو حَامِلة مَعَه فِي كُل مَكَان، إنه وعندما يَعْتاد الأشخاص مُشَاهدة مَنْ حَوْلِهم مُهْتَمُون بِالقِرَاءة ، فإنه بذلك يَتَحدْدْ لهم ما تُؤَدِيه القراءة مِنْ مُنْجَزات كما تُتِيح الفُرْصة لَهُم لأن يُقَلِدُوا بَعْضَهُم البَعْض، وهَذَا بِالضّبْط مَا نَوَدُ أن نَصِلَ إليه ، لأنه فِي مُجْتَمَعِنَا اليوم أصْبَحْنا نُنْكِرُ على مَن يَحْمل مَعُه كِتَاباً أو نَصِفُ شَخْصاً بِالتَخَلف مُجَرد أَنَه جَعَلَ مِن الكِتَابِ رَفِيقاً له .
إن القراءة هِي لِكل الناس وفِي جَمِيع الاوقات والأماكن مَهْما تَكُن خَلْفِيَتَك الثقافية ، أو مُسْتَوى قِرَاءَتَك أو مَنْصِبُك فإن ثَمَةَ كُتُب تُنُاسِبُك أنت .
فَنَحن نَسْتَخْدم الكُتُب لِكي نُعِيدَ الطَمَأنِينَة إلى أَنْفُسِنَا ، فَنَسْتَكْشِف مَالا نَعْرِفه، ونَتَعَلم مَا نَجْهَلُه، تُطْلِعُنَا على ثَقَافة غَيْرِنا وتُبَصّرُنَا أَحْياناً بِشَرٍ يُضْمَرُ لنا ، وتُشْعِرُنا بِالتَعَاطُف عِنْدما نَنْظُر مِن خِلال عُيُون الآخرين وَنَقْرأ كَلِمَاتِهِم.
إنّ فِي القراءة شَيْئاً أَكْثَر مِنْ مُجَرَدِ نُطْق الكَلِمَات ، إنَهَا تُعْلِمُنَا عن الحَيَاة ، عن عَلاَقاتِنا الاجتماعية ، عن مَوْقِعْنَا من العَالم ، تَسْتَطِيع الكُتب أن تُحْدِثَ شَيئَاً مِن الاخْتِلاف فِي أَجْزَاء غَيْر مُتَوَقَعَة مِن حَيَاتِنَا، تَجْعَلُنَا نَسْتَرْجِع التَجَارُب التِي مَرتْ بِنَا ذَاتَ يَوْم : فَنَحْنُ نَسْتَطِيع تَسَلُقَ جِبَال الهَمَالايَا ، وزِيَارة الأَهْرَامَات وسُور الصين العَظِيم ، ونُبْحِر حَوْل العَالَم ونَحْنُ فِي بُيُوتِنَا جُلوساً نَقْرَأ ، وبِهَذَا تُسَاعِدنا عَلى خَلْقِ مَشَاهِد فَي عُقُولِنَا لَنْ نَسْتَطِيعَ مُشَاهَدتِها دُون قِرَاءةٍ مُفْعَمَةٍ بِالحَيَويِة.
يَقُول أوليفر هولمز و هو طَبِيب وَكَاتِب وشَاعر أَمْرِيكي : { الكُتُبُ الِتي نَقْرَؤُهَا يَجِبُ أَنْ نَخْتَارَها بِعِنَاية فَائِقَة وبِهَذَا نَكُون كَالمَلِكِ المصْرِي الذي كَتَب على مَكْتَبَتِه : "عَقَاقِيرُ الرُوح" {
لِنَحْرِص على اقْتِنَاءِ الكُتُب وَوُجُود مَكْتَبة صَغِيرة فِي البَيْت ، لِنَجْعَل من الكِتَاب صَدِيقَاً لنا، ولْنُجَرِب أَن نَخْتَار مَجْمُوعة مِن الكُتُب ونَضَعَها على طَاوِلَةٍ بِجَانِبِ السَرِير مَع الوَقْت سَنَشْعُر بِأَن القِرَاءة جُزْاءً مُعْتَاداً مِن نِظَامِ وقْت الذّهَابِ للفِرَاش .
إن كُل مَا نَحْتَاج إِليه هُو الكِتَاب المُنَاسِب والوقْت المُنُاسِب ، لِجَعْل تِلْكَ الكُتب جُزْءاً هَامَاً مِن حَيَاتِنَا .
إنّ الأَمَلَ يَحْدُونِي فِي أنْ نَقُوم بِالقِرَاءة ونَتْلوها بِالعَمَل حَتى نَجْعَل مِن الوَطَن مَكَاناً أَكْثَرُ جَمَالاً .