تغيير قواعد اللعبة في الاقتصاد العالمي
تغيير قواعد اللعبة في الاقتصاد العالمي
هل من حق أحد أن يغير قواعد اللعبة في الاقتصاد الدولي دون مشورة الآخرين؟ و هل من حق أحد أن يدمر مؤسسات مالية بأكملها لكي يجني مكاسب اللعبة وحده؟ هذا بالضبط ما حدث في عام ٢٠٠٨ حين قرر الرئيس جورج دبليو بوش و فريقه الرئاسي تأزيم اقتصاد العالم. كان الرجل التنفيذي لهذه المهمه هو “هانك بولسن” الذي أبدع تمثيل دوره كوزير عاجز عن عمل شيء و نفذ المهمة بمهارة قاتل محترف. فقد أطلق النار على اقتصاد العالم ونهب ثرواته و سار في الجنازة يبكي أحر البكاء و على يمينه “آلان جرينسبان” و على يساره “بن برنانكي”.
و منذ ذلك الحين و منذ الانهيار الاقتصادي لم يخرج العالم من الدوامة و بقيت أنظمته المالية و المصرفية تترنح تحت تأثير الصدمة و المفاجأة. و بدأ العالم يعيد التفكير في قواعد اللعبة المالية و يراجع الحساب. بل و يعيد النظر في المسلمات الاقتصادية و يسأل: ما هو المال؟ و ما هي الثروة ؟ و هل يصلح أن يستمر الذهب كغطاء للنقد الورقي أم هناك بدائل أخرى؟ الأسئلة لم تأت من فراغ و لم يطرحها أساتذة شاردو الأذهان في جامعات منزوية بل جاءت من “روبرت زوليك “ و “كريستين لاجارد” في البنك الدولي و صندوق النقد الدولي!!
و للوهلة الأولى يبدو أن طرح مثل هذه الأسئلة هو من قبيل التجديف في الفكر الاقتصادي لأنه يعيد تعريف مسلمات اتفق عليها السابقون و النابغون. و لكن المسألة لا تتعلق بهذا وحده فهذا النقاش تمهيد ضروري لتغيير قواعد اللعبة الاقتصادية في العالم. و ليلحق الماشي بالركاض..
فالولايات المتحدة تشهد تعافيا بطيئا و الاتحاد الأوروبي يضمحل الى وحدات أصغر و حيث تلحق إسبانيا بكل من اليونان و تلحقها ايطاليا و فرنسا فيما بعد. و حتى الماركات العالمية الشهيرة التي رافقتنا لعقود مضت مثل سوني و باناسونيك ربما تختفي لأنها قيمتها الاقتصادية أصبحت في حكم النفايات، وفقا لتقديرات وكالات التصنيف التي تتبع طرق تقييم معقدة لعلها مثل الأدوات البنكية المصرفية الماكرة التي لايفقه تفاصيلها إلا حفنة من اللصوص.
نحن أمام مفرق طرق اقتصادي عالمي و تاريخي مفروض على كل الأمم ، و قد صنعه إنسان طامع في النفوذ و محتكر للقوة و يريد إلحاق الأذى المادي و المعنوي بأقرانه البشر و لا يرقب فيهم إلا و لا ذمة. أيها السادة، إن تغيير قواعد اللعبة الاقتصادية في العالم تهديد حقيقي للأمن و الاستقرار الدوليين و هو تهديد للأمن الاجتماعي في الدول الفقيرة و إنذار باشعال فتيل حرب واسعة النطاق.