دور الاباء في تحسين التعليم
دور الاباء في تحسين التعليم
يعتقد البعض أن التغير يجب أن يأتي من أعلى سلطة للدولة، ويبقى منتظراً لتلك القرارات لتصدر ويتفنن في إلقاء اللوم على الآخرين وإن كان هو جزء من ضعف الانجاز لدى المؤسسات العامة لدينا.
كل أب وأم يرسل ابنه أو ابنته للمدرسة في كل يوم دون أن يكون هناك إلمام بما سيواجهه هذا الطالب\ة في ذلك المبنى ذو الأسوار العالية. تلك المباني يتم فيها بناء جيل جديد وتكوين مفاهيمه وغرس قيمه وأفكاره، ومحاولة التخفيف من السلوكيات الغير جيدة.
ربما افترض في هذه المقالة أن غياب دور الاباء والأمهات ساهم في ضعف التعليم لدينا، والأسباب لذلك كثيرة: فمنها
1) عدم اهتمام كثير من الآباء بما يحدث داخل المدرسة.
2)عدم الإطلاع على المستجدات والأنشطة التي تكون في المدرسة.
3)ضعف التواصل مع الابن وسؤاله عما يدرس؟ وعمن يدرسه؟ وكيف يدرسه؟ ومستوى رضاه عما يحدث في حجرة الصف.
4)ضعف التواصل مع المدرسة (من تجربتي: الأب الذي يهتم بابنه، يهتم المعلم بابنه)
5)عدم مساعدة الطالب لتخطي العقبات التي تواجه، وتحويل ذلك إما لمدرس خصوصي أو غيره. ولو بذل الوالدان جزءًا من وقتهما لكان ذلك مشجعاً للطالب ويساهم في غرس حب التعلم لديه.
هذه بعض الأسباب فقط وربما من تبحر في الموضوع وجد الكثير من الأسباب. يهمني هنا أو اذكر بعض الطرق التي تساعد على تحسين علمية التعليم من خلال تفاعل الاباء مع ادارة المدرسة
.
أولاً: البذل قبل المحاسبة: يجب على كل أب وأم أن يفكر في مدى دعمه وتشجيعه لمدرسة ابنه، هذا الدعم يظهر ليس فقط في الدعم المادي كما يتوهم البعض، بل إن الدعم النفسي والعلمي والعملي أهم في بعض الأحيان. كم من الخبراء لدينا حرم التعليم من خبراتهم ولو على نطاق المدرسة وكم من الأفكار لم تصل لمسامع متخذي القرار في المدرسة ولو بذل كل شخص منا من وقته وجهده القليل لحصدنا الكثير.
ثانياً: مجموعة الضغط: يجب ان يكون لدى الآباء\الامهات مجموعة ضغط، يمارسون حقوقهم التي منحها لهم نظام التعليم، حيث أن النظام ينص أن يكون هناك مجلس مدرسة ومجلس الآباء والمعلمين ومن خلال هذه المجالس يمارس الآباء ضغطهم ليصلحوا من حال التعليم لدينا، هذا الضغط يبدأ بالتعاون في حل المشاكل التي تواجه المدرسة، وتوفير المتطلبات الناقصة سواء عن طريق البحث عن داعمين او التبرع الشخصي، او ان يكون هناك احتفالات وفعاليات يكون لها مردود مادي يدخل في صندوق مجلس الاباء والمعلمين.
تفعيل هذه المجالس هو القضية المهمة، حيث يجب (أقول يجب) ان يتواصل جميع الآباء مع المدرسة في بداية العام للسؤال عن موعد انعقاد هذه المجالس، ومن خلال كثرة الأسئلة تجد الإدارة نفسها ملزمة بعقدها، وفي الإجتماع يجب أن ينظم الآباء أنفسهم وأن يتعرفوا على بعض، فالأنانية لا تخلق مجتمعاً متعاوناً يحقق أهدافاً مشتركة. وعند التواصل يجب أن يرشحوا مجموعة تنوب عنهم وتتولى أمر التنسيق مع الإدارة. من الأفضل إيجاد طريقة للتواصل بينهم سواء من خلال رسائل الجوال والإشتراك في المواقع التي ترسل رسائل جماعية أو عن باستخدام طرق التواصل الحديثة مثل (الفيس بوك) ميزة الفيس بوك هو إمكانية طرح القضايا للجميع في مجموعة مغلقة حيث تخصص لأولياء أمور الطلاب في مدرسة معينة. ربما يحتج البعض بعدم استخدام كثير من الآباء لهذه التقنية، ربما يكون صحيح ولكن وجود عدد أكثر من ٣٠ شخص يتفاعلون فيما بينهم ويتعاونون مع الإدارة يكون كافياً جداً كمرحلة أولية، ومن ثم عند وجود إجتماعات او قضايا مهمة جداً يكون ابلاغ الآخرين بالطرق التي يفضلونها.
ربما يكون للمسجد دور فعال في جمع كلمة الناس وتنظيم أمورهم فالمسجد هو نقطة الإنطلاق لكل خير في المجتمع المسلم. ولو فعل دورها لكان لها دور كبير في تواصل الناس وحل كثير من مشاكلهم.
ثالثاً: إدارة الصراع: من المهم جداً التأكيد بأن الأمور العظيمة لا تأتي مجاناً، يجب أن يقاتل الآباء من أجل تطوير التعليم والحفاظ على أبناءهم وضمان جودة التعليم المقدم إليهم. في بداية الأمر سيواجه الكثير حالات من الصراع خصوصاً عندما يعتقد كل طرف بأنه الأحق بالأمر، لذا فالمهم هو العمل الجاد الهادف للتطوير والتحسين. إن الصراع هو جزء من حياة الناس وفي حقل التعليم يجب أن تغلب المصلحة العامة وأن لا يسعى كل طرف لكسب المواقف فقط، بل يجب أن يبقى التعاون والتكامل بين الأدوار هو سيد الموقف.
أخيراً: نشرت صحيفة المدينة في عددها ١٨٠٩٧ بتاريخ١٥-٣-٢٠١٢ الحادثة التي فجعت أهالي المدينة عندما دهس ذلك الطالب البريئ ذو ١٠ سنوات، تحت عجلات الشيول أمام مدرسة سعيد بن زيد الابتدائية أثناء حصة التربية البدنية. فما حدث بعد ذلك؟ هل تم توفير ملعب آمن للطلاب؟ هل تم محاسبة الإدارة والمعلمين؟ هل تم التعاون لجعل بيئة المدرسة آمنة؟ إن مثل هذه الحوادث لو حدثت في إحدى الدول المتقدمة، لضج الناس كلهم ولتم إصلاح الوضع من فوره، فما بالنا نرى الموت يحتف أبناءنا في المدارس ولا نسعى لفعل شيء سوى التذمر والسخط. كان الأولى بالأباء في تلك المدرسة أن يمتنعوا عن إرسال ابناءهم لتلك المدرسة حتى يتم إصلاح الوضع وأن يتوجهوا لإدارة التعليم وإلزامهم بحل الوضع وأن يرفع للمقام السامي. أما أن يترك الوضع هكذا بدون أن تهتم المدارس بوسائل السلامة ونسمع قصصاً وحوادث يذهب ضحيتها أطفال لا ذنب لهم إلا أن مدارسهم كانت لا تهتم بوسائل السلامة ولا توفر بيئة آمنة لهم (فكرياً، نفسياً، جسدياً صحياً مع انصراف الاباء عن المطالبة والمساهمة في تحسين التعليم لهو أمر يجعلنا نفكر ملياً في كيفية تفعيل دور الأسرة في تطوير التعليم والضغط نحو التحسين الممكن.
آمل أن تكون مدارسنا آمن، وتعليمنا أفضل، لبناء جيل يحمل هم الوطن ويسعى لتطويره.