قصة مصورة: آثار القصص الأسطورية في معرض «طرق شبه الجزيرة العربية»
تتحدث المصادر القديمة عن المدينة الأسطورية العربية ''جهرة'' أو ''هجرة'' وتصفها بأنها كانت لا تبارى من حيث الثروة والأهمية، وتقع هذه المنطقة في القسم الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، واكتسبت مكانة أسطورية في العالم القديم، لكن موقعها بقي مجهولا حتى عهد قريب.
ففي عام 1998 اكتشف علماء الآثار قبرا يعود إلى القرن الأول للميلاد ويضم رفات أميرة صغيرة في مدينة ثاج (الواقعة في المنطقة الشرقية)، حيث كان القبر غنيا بالذهب واللؤلؤ والأحجار الثمينة، وكان يشتمل على قناع ذهبي يوضع على وجوه الموتى يعود إلى العصر الهليني. وأدى هذا الاكتشاف بالعلماء إلى أن يقولوا: إن ثاج هي نفسها مدينة جهرة المفقودة.
هذه الكنوز التي وجدت في القبر في منطقة ثاج ليست إلا نزرا يسيرا من الاكتشافات المفاجئة المعروضة في معرض ''طرق شبه الجزيرة العربية: آثار وتاريخ المملكة العربية السعودية''، الذي سيفتتح في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) في متحف آرثر ساكلر في واشنطن العاصمة.
يقام هذا المعرض بإشراف متحف ساكلر بالاشتراك مع الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية، وتُعرض فيه مواد تم استخراجها في الفترة الأخيرة من عشرة مواقع أثرية في مختلف أنحاء شبه الجزيرة العربية.
سيستمر عرض الآثار المهمة بعنوان ''طرق شبه الجزيرة العربية في متحف ساكلر'' حتى 24 شباط (فبراير) 2013، ويشكل هذا المعرض المرة الأولى التي تعرض فيها في الولايات المتحدة هذه المواد التي لا مثيل لها.
وبعد ذلك سينتقل المعرض إلى متحف هيوستن للفنون الجميلة في تكساس، ثم إلى متحف الفن الآسيوي في سان فرانسيسكو، ثم إلى أماكن مختلفة في مدينتي شيكاجو وبوسطن، لغاية أوائل عام 2015.
يشار إلى أن نسخة مبكرة من المعرض، تحت رعاية الهيئة العامة للسياحة والآثار، بالاشتراك مع متحف اللوفر، سبق أن عرضت في باريس، وفي متحف كايكسا فورم في برشلونة، وفي متحف هيرميتاج في سانت بطرسبرج، وفي متحف بيرجامون في برلين.
يتناول المعرض أثر الخطوط التجارية القديمة التي كانت تمر عبر شبه الجزيرة العربية، وكانت تنقل عليها المواد الثمينة، من قبيل اللبان والمر، إلى بلاد ما بين النهرين والعالم اليوناني – الروماني، ما أتاح المجال لتبادل نشط وقوي للسلع والأفكار. ومع ظهور الإسلام بعد ذلك، تقاربت طرق الحج نحو مكة المكرمة، وأخذت تحل بالتدريج مكان طرق البخور التقليدية المعروفة. ويصف جوليان رابي، مدير متحف آرثر ساكلر ومتحف فرير للفن، المعرض بأنه ''نافذة جديدة تطل على بلد لا يَعرف عن تاريخه قبل الإسلام شيئا يذكر إلا قلة من العلماء والمختصين في الوقت الحاضر، كما أنه بلد غالبا ما يُساء فهم تاريخه الإسلامي''.
#2#
#3#
#4#
طرق التجارة إلى خطوط الحجيج
منذ عهد بعيد ابتداء من العام 1200 قبل الميلاد، أحدث الجمل ثورة تجارية في شبه الجزيرة العربية. فالبخور، الذي كان يتمتع بقيمة عالية للغاية، كان يُنقَل من القرن الإفريقي والشواطئ الجنوبية لشبه الجزيرة إلى المعابد وبلاط الملوك في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأدنى. وكانت قوافل التجار تسير ببطء عبر الصحاري والجبال الجرداء الوعرة، وتتوقف عند الواحات من أجل الراحة. ومع تطور شبكة من الطرق، أصبحت هذه الواحات مراكز مدنية للثروة والإنتاج الفني، لكن الصحراء عادت وتغلبت عليها في القرون التالية. من بين المواد الأثرية المكتشفة حديثا على طول الطرق التجارية، هناك أطباق من الألاباستر (المرمر)، إلى جانب عدد من الأواني الزجاجية الهشة، وأقراط ذهبية ثقيلة، وتماثيل ضخمة تشهد على التبادل النشط للسلع والثقافة بين العرب وجيرانهم، بمن فيهم المصريون والبابليون واليونان والرومان.
#5#
#6#
يركز الجزء الثاني من المعرض ''طرق شبه الجزيرة العربية'' على أثر الإسلام بعد القرن السابع للميلاد، خصوصا تطور خطوط وطرق الحجيج، التي تنطلق من المدن الرئيسة، مثل دمشق والقاهرة وبغداد، باتجاه مكة المكرمة، قبلة العالم الإسلامي. من البنود المهمة المعروضة، هناك نحو 20 شاهدا من شواهد القبور على نقوش دقيقة من مقبرة المعلاة، التي اندثرت الآن. هذه الأحجار المتواضعة، لكن ذات القيمة الكبيرة تضفي طابعا إنسانيا على أعداد المسلمين الذين إما عاشوا في مكة أو أنهم قطعوا مسافات طويلة للوصول إليها. وهناك شاهد مؤثر يبقي ذكرى أب وابنته توفيا معا أثناء رحلتهما إلى الحج. وبالنسبة لمكة المكرمة نفسها فإن هناك مجموعة من الأبواب المطلية بالذهب التي كانت في وقت من الأوقات تزين مدخل الكعبة المشرفة.
يتناول القسم الثالث نشوء المملكة العربية السعودية في عام 1932، ويستكشف تاريخ الآثار من خلال الصور وكتب الرحلات والخرائط والمعروضات.
الثقافة العربية في المعرض الوطني وعلى الإنترنت
إعلانا عن افتتاح المعرض، سيستضيف متحف ساكلر احتفالا مجانيا طوال اليوم بعنوان ''عيد شبه الجزيرة العربية''، للاحتفال بالفن والثقافة والآثار في منطقة شبه الجزيرة، وذلك يوم السبت الموافق 17 تشرين الثاني (نوفمبر). ستخصص الفترة الصباحية لسلسلة من الكلمات يلقيها عدد من أبرز المختصين بتاريخ الآثار في المنطقة، تتلوها جولات يقودها عدد من المختصين. وفي فترة العصر ستكون هناك نشاطات عملية تُعرِّف العائلات بأهم سلعة ثمينة في عصرها، وهي البخور، وعلى الفن الرفيع للخط العربي، في حين يقوم رواة الحكايات والعازفون بتقديم مواد مختلفة حول الثقافة الغنية والمتنوعة للمنطقة. وستقدم الضيافة التقليدية التي تتألف من التمور والشاي والقهوة بالهيل، إلى جانب معروضات للبيع من المواد الغذائية من المطبخ الشرقي.
يستطيع الجمهور السفر عبر طرق شبه الجزيرة العربية من المسكن، وذلك عبر الإنترنت على موقع المعرض، الذي سيشتمل على تعريف بأهم المواد المعروضة وتاريخها من خلال عرض للصور (الشرائح)، وخرائط تفاعلية ومقاطع فيديو. سيعرض الموقع الثقافة العربية من خلال بث البودكاست للحفلات الموسيقية والعروض والمحاضرات وقوائم بالأحداث والنشاطات العائلية. وسيعلن موقع المتحف على الإنترنت عن تواريخ الجولات ومواقعها وبرامجها.
الشركاء والراعون
نُظِّم المعرض من قبل متحف آرثر ساكلر، التابع لمؤسسة سميثسونيان، بالاشتراك مع الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية. ويشارك في المعرض شركة إكسون موبيل وشركة أرامكو السعودية باعتبارهما من كبرى الشركات الراعية المشاركة للمعرض في الولايات المتحدة. كذلك شاركت في الرعاية مجموعة العليان وشركة فلور. وقد تم تقديم المزيد من المساندة من قبل شركة بوينج، ومجموعة خالد التركي، و''سابك''، والخطوط العربية السعودية.