وزارة التربية والتعليم والسياسات البائدة
وزارة التربية والتعليم والسياسات البائدة
كعادة أي باحث في مرحلة الدكتوراه، عليه أن يبحث وينقب عن مصادر المعلومات في كل مكان. وبحكم تخصصي في الإدارة التربوية فقد كان لزاماً علي أن أبحث في موقع وزارة التربية والتعليم الاليكتروني (http://www.moe.gov.sa/Pages/educationPolicy.aspx). وقد وجدت أموراً يندى لها الجبين، ويجب التنبيه عليها، لعلها تصل لسمع مسؤول فيبادر بالتغيير المطلوب.
في البداية توجهت إلى (سياسة التعليم) داخل موقع الوزارة بتاريخ ٢١-٩-٢٠١٢ وكنت أتوقع أن أجد تفصيلاً دقيقاً لسياسة التعليم في المملكة وكيفية إدارة التعليم من وجهة نظر الوزارة المكلفة بذلك، ولكن وجدت سياسات بائدة قد كتبت قبل عشرات السنين ولم يتم تحديثها، وهي لا تغني ولا تسمن من جوع في وقتنا الحالي، ولا تمت بأي صلة إلى واقع الحال.
ومما يثير العجب أن أجد فقرة تختص بالتربية الوطنية وهي رقم ٩٧ وفيها "تحقيق الوفاء للوطن الإسلامي العام، وللوطن الخاص (المملكة العربية السعودية)، بما يوافق هذه السن، من تسام في الأفق، وتطلع إلى العلياء، وقوة في الجسم”. فلست أفهم ماهو ارتباط قوة الجسم بتحقيق الوفاء وكذلك كيف يتم تحقيق هذا الهدف الإنشائي الغير قابل للقياس – وماذا يعني للقاري -تسام في الأفق، وتطلع إلى العليا؟؟
كذلك تداخل صلاحيات الوزارة مع وزارة التعليم العالي (والتي أصبحت مستقلة بشكل كامل) وقد ناقشت السياسات ٢٦ فقرة تختص بالتعليم العالي، تبدأ بكلمات كأنها أوامر ملكية (تنشأ الجامعات...، تفتح الأقسام...، تتعاون الجامعات...، تنشأ دائرة للترجمة... الخ). مما يوحي أنها نسخت من أوامر ملكية للمجلس الأعلى للتعليم. ولا تقف عند هذا الحد بل تحدد سياسات القبول في الجامعات، مثال ذلك:
الفقرة رقم ١٤٧ – ١٤٨ "تفتح الجامعة الإسلامية أبوابها لعدد مناسب من طلاب الدول الاسلامية، والأخرى الذين تتوافر فيهم شروطها من حملة الشهادة الثانوية للمعاهد العلمية ودار التوحيد أو ما يعادلها".
هل وزارة التربية والتعليم مخولة باصدار سياسيات القبول في الجامعة الإسلامية؟ ثم إن ايراد هذا النص بهذه الصيغة يشير إلى أنه قد كتب في وقت كان أغلب الطلاب في المعاهد العلمية ولم يكن للمدارس الثانوية انتشار كبير كما هو حاصل الان، كذلك أليست دار التوحيد قد أصبحت جزءً من منظومة المدراس العامة وليس لها أي ميزة كما كان سابقاً ؟ (دار التوحيد أول مدرسة أؤسست على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله) وهذا يشير إلى أن كاتب تلك الأسطر يعيش في عقود سحيقة حيث لم يكن لدينا وزارة التعليم العالي. ومن الغريب أن تخصص فقرة كاملة عن الجامعة الإسلامية وأن لها رعاية خاصة لتكون مركز للاشعاع في العالم الإسلامي وغيره، ويكون لها شخصية مستقلة ترتبط مباشرة بعاهل المملكة (فقرة ١٤٣). وأجد تفصيلاً لالية القبول والتسجيل في الجامعة الاسلامية وأهدافها، واهتمامها بالبحوث الاسلامية وتستمر الفقرات الخاصة بالجامعة الاسلامية من (١٤٢ إلى ١٤٨ ) وهي جامعة لا تتبع لهذه الوزارة العزيزة إلى قلوبنا.
أما الفقرات الخاصة بالتعليم العالي فهي من (الفقرة ١٠٨ إلى الفقرة ١١٥ – ومن الفقرة١٣٠ إلى ١٤٩ ). وهذا بعيد كل البعد عن مهام هذه الوزارة وهذا ينطبق أيضاً على التعليم الفني فقد استقل عن الوزراة ولكن؟
أما داهية الدواهي كما يقال فهي الفقرة ١٧٢ والتي تنص على "لا تقل مدة إعداد معلمي المرحلة الإبتدائية عن المدة اللازمة للحصول على شهادة الدراسة الثانوية، ويجري تطوير مرحلة إعداد المعلمات تدريجيا لتحقيق ذلك، ولا تقل مدة إعداد معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية عن المدة اللازمة للحصول على شهادة التعليم العالي”. وكأننا ما زلنا نعيش في أوقات ما قبل الكليات المتوسطة والتي كانت تخرج معلمي الابتدائي بدراسة دبلوم تربوي وليس بكالوريس. ويؤيد ذلك الفقرة (١٦٦) والتي تنص على "تتوسع الجهات التعليمية في معاهد المعلمين والمعلمات وفي كليات التربية لكافة المواد بما يتكافأ مع سد حاجة البلاد في الخطة الزمينة المحدودة”. فأين هي معاهد المعلمين والمعلمات بل أين ذهبت كليات المعلين والمعلمات – يبدو أننا نتحدث عن وزراة التربية والتعليم في عهد المغفور له الملك فيصل والله أعلم.
أعلم أن لدى الوزراة قوانين لتنظيم التعليم وسياسات حديثة ولكن أليس من الأولى أن يتم تجديد وتحديث موقع الوزراة، تزامنا مع تطوير التعليم وتحقيق الأهداف العليا لهذه المهنة السامية، ولكي يكون الموقع الاليكتروني منبراً لنشر ثقافة جديدة ذات أهداف واضحة يعلمها القاصي والداني ليشارك المجتمع في النهوض بهذا القطاع الذي يمس حياتنا وحياة الأجيال القادمة.