المؤسسات المتوسطة والصغيرة كخيار لابديل له للتنمية الاقتصادية

المؤسسات المتوسطة والصغيرة كخيار لابديل له للتنمية الاقتصادية

المؤسسات المتوسطة والصغيرة كخيار لابديل له للتنمية الاقتصادية

يتسم هيكل اقتصادنا بالتركيز على النفط كأحد اهم الصادرات بل اكبرها على الاطلاق والذي بإيراداته تحاول الدولة تنمية البلاد في كافة المجالات معتمدة اعتماد كلي على ريع النفط اما بشكل مباشر او بشكل غير مباشر.
وفي الحالات التي تنخفض فيها اسعار النفط تواجه الدولة مشكلة في استمرار عملية التنمية والنمو الاقتصادي لذلك يتوجب على الدولة تصحيح هذا الوضع الاقتصادي وكذلك الكثير من التوجهات الاقتصادية الخاطئة التي كانت ومازالت تمارسها وذلك بالقيام بإعادة بناء الهيكل الاقتصادي بحيث يعتمد على التنوع في انتاج مختلف القطاعات الاقتصادية والذي سوف يكفل لبلادنا النمو والازدهار في ظل التقلبات والدورات الاقتصادية .
وهذا لا يتأتى الا بمساهمة القطاع الخاص وايجاد مؤسسات متعددة ومتنوعة تخلق الفرص الوظيفية وتكون بيئة حاضنة للإبداع والمبدعين وتقود العملية الاقتصادية وتخفف وطأة الترهل والركود الذي ساد اجواء المؤسسات الكبيرة وأدى الى تفشي البيروقراطية وبالتالي البطء في النمو والتنمية الاقتصادية.
لذلك توجب على الدولة مؤخرا القيام بمعالجة التشوه في هيكل الاقتصاد الذي خلقه الاقتصاد الريعي والتراكمات الثقافية والخلفيات الاقتصادية البائسة سابقا , فخطط التنمية بدأت تركز على مفاهيم جديدة ومحاولات جادة في مساهمة القطاع الخاص وتحاول التركيز على التنوع الاقتصادي من خلال مساهمة المؤسسات المتوسطة والصغيرة في دفع عملية التنمية .
ولكنكسائر دول العالم والفكر الاقتصادي برمته لفترة طويلة من الزمن كان التركيز على المؤسسات الكبيرة على اساس انها القاطرة التي تقود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك مما ساهم في تهميش دور المؤسسات المتوسطة والصغيرة والتي لايوجد لها بديل في ظل المعطيات الراهنة للاقتصاد يكفل التنوع والرفاهية الاقتصاديةفمن الملاحظ ان المؤسسات المتوسطة والصغيرة أصبحت تحتل مكانة متميزة في الاقتصاديات المتقدمة لكونها مصدر لتنمية الدخل ومصدر لخلق فرص العمل فالإحصائيات تبين ان 90 % من مجموع المؤسسات الصناعية في الدول المتقدمة من هذا النوع من المؤسسات وهي التي تقود اقتصاد الدول المتقدمة لذلك اصبحت محط انظار المفكرين والباحثين .
وكثير هي الدول التي تولي اهمية قصوى لهذه المؤسسات فرئيس الولايات المتحدة الأمريكية يقدم تقرير سنوي للكونغرس عن حالة المؤسسات المتوسطة والصغيرةحيثانه في الولايات المتحدة الأمريكية من عام 1987م الى عام 1999م خلقت المؤسسات المتوسطة والصغيرة 5.8 مليون منصب عمل واستغنت المؤسسات الكبيرة عن 2.3مليون منصب عمل وهذا يبين الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات في احداث تغييرات هيكلية على المستوى الاقتصادي.
ولعل ما يلقي بالظلال على هذا النوع من المؤسسات ويجعلها الحل لكثير من المشكلات الاقتصادية مثل البطالة وانخفاض الانتاجية وغيرها من المشاكل هو عائد الى المميزات التي تملكها هذه المؤسسات ولعل من ابرزها مايلي :-
1. تتميز هذه المؤسسات باستخدام تقنية انتاجية اقل تعقيدا واقل كثافة رأسمالية وتتميز فيها كثافة عنصر العمل بل تعتبر عامل تثمين لليد العاملة حيث ان بلدا كالبيرو تضم فيه المؤسسات المتوسطة والصغيرة 60 % من العمالة وفي الولايات المتحدة النسبة تتزايد في المؤسسات المتوسطة والصغيرة وتتناقص في المؤسسات الكبيرة.
2. يمكن للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ان تتجه نحو الاسواق الصغيرة والمحدودة التي لا تثير اهتمام المؤسسات الكبيرة لطبيعة حجم تسويقها وكذلك من الممكن ان يمتد نشاطها الى المناطقالنائية وتساعد على نهوض هذه المناطق وذلك لكون المشاريع التي تعتمد عليها لاتتطلب قيمه عالية من الاستثمارات وهو مايتوافق مع مستوى دخل هذه المؤسسات.
3. بساطة التنظيم والهياكل الادارية التي تميزها عن المؤسسات الكبيرة التي تتسم بالنمط البيروقراطي ذي المستويات التنظيمية المتعددة والمعقدةوالتي تعرقل السير وتحدث الملل وتقلل من اشتراك العامل في القرارات بينما بساطة التنظيم والهياكل في المؤسسات المتوسطة والصغيرة فإنها تسمح للعمال بالقرب من مراكز القرار وامكانية المشاركة في صنع القرار وذلك نتيجة لضيق النطاق الاشرافي والذي يعطي الرئيس حضور متميز وامكانية تحقيق علاقة مباشرة مع العمال وتسيير الامور بمرونة ودونما تعقيدات وذلك مدعاة لقلة الدوران الوظيفي للعمالة واعتبار انفسهم جزء لا يتجزأ من المؤسسة لذلك فانه حسب احصائيات فرنسية وجد ان مناصب العمل المفقودة في المؤسسات المتوسطة والصغيرة اقل بمرتين منها في المؤسسات الكبرى .
4. قلة حدة المخاطر نظرا لصغر استثمارات المؤسسات المتوسطة والصغيرة بعكس المؤسسات الكبيرة ذات الاستثمارات الضخمة وحجم الحصة الكبير في السوق .
5. الاستقرار الاقتصادي في مستوى التوظف والانتاج حيث يلاحظ انه كلما اتسع نطاق الاقتصاد كلما ادى ذلك الى حدوث الاستقرار والاقلال من التذبذب في مستوى الانتاج والتوظف والاسعار .
ولكن رغم هذه المزايا الى انه مازالت هناك عوائق تحد من انتشار هذا النوع من المؤسسات او يكون سبب رئيسي في زوالها واضمحلالها وعدم استمراريتها ولعل من ابرزها واميزها مايلي:-
1. الصعوبة في الحصول على الموارد المالية للقيام بالمشاريع او تسويق المنتجات
2. غالبا من ينشئ المؤسسة يكون فرد ويصعب فصل شخصيته عن شخصية المؤسسة
3. عدم المقدرة على مواكبة التطور التكنولوجي بسبب محدودية الموارد
4. غياب وضعف نظام المعلومات التي يجعلها ضعيفة امام المنافسة او امام التغييرات البيئية
5. سرعة تأثرها بالسياسات الاقتصادية والمالية وغيرها من العوامل البيئية
6. عدم حماية المنتج الوطني امام المنتجات المنافسة
ولكي يكون هناك دور ريادي تنافسي للمؤسسات المتوسطة والصغيرة فان ذلك يأتي من عدة عوامل يجب التركيز عليها وهي كما يلي :-
1. وضع استراتيجية اقتصادية واضحة المعالم للاقتصاد الوطني بحيث تهيء الظروف الملائمة لتطوير هذه المؤسسات ودعمها والوصول بهاالى انتاج سلع ذات جودة عالية وعالمية تستطيع معها المنافسة داخليا وخارجيا .
2. وضع التسهيلات المالية اللازمة وتسهيل العقبات امام هذا النوع من المؤسسات وابتكار العديد من السياسات التحفيزية التي تمهد الطريق لها وتيسر لها الوصول الى دور فاعل في الاقتصاد الوطني والعالمي .
3. الدعم السياسي والاقتصادي لهذا النوع من المؤسسات ووجود جهاز اداري مستقل في الدولة يتابع ويدعم هذا النوع من المؤسسات ويوفر لها المعلومات والدعم اللازم ويكفل لها الاستمرار حاضرا ومستقبلا .
4. السعي الى المزيد من البحث والتطوير المستمر ورفع مستوى التدريب والتنظيم الاداري والانتاجي وخلق صناعات تقوم على التطوير والمنافسة داخليا وخارجيا وكذلك ربط الصناعة بمراكز البحث العلمي والجامعات وتطوير القدرات البحثية لتؤدي الدور المطلوب فهي مازالت اقل بكثير من المستويات المطلوبة.
5. استخدام المعايير والسياسات التي تضمن مواجهة الاحتكار وايجاد الفرص المتكافئة للمشروعات الصغيرة امام المشروعات الكبيرة .
6. توفير المعلومات والبيانات والاحصائيات الاقتصادية التي تدعم القرارات السياسية والادارية وتسهل الطريق لهذه المؤسسات في اتخاذ القرارات الاستثمارية الناجحة التي تكفل لها النمو والتقدم والعمل بما يخدم الاقتصاد الوطني .
في الختام لا يمكننا تجاهل الدور الذي تقوم به الدولة تجاه المؤسسات المتوسطة و الصغيرة ولكن مازالت هناك تحديات امامها والموضوع مازال يحتاج الكثير من تسليط الضوء والبحث ومحاولة ايجاد السبل التي تساعد متخذ القرار في الدولة على معرفة الواقع وتشخيصه ومحاولة تلمس العقبات التي قد يواجهها للعمل على تفاديها او التخفيف من حدتها وبالتالي الوصول بالاقتصاد الوطني الى بر الامان وتنفيذ الخطط المرسومة و تجسيدها على ارض الواقعوصولا الى تحقيق الرفاهية الاقتصادية للوطن والمواطن .

الأكثر قراءة