الاعتذار شجاعة الرجل المحترم
الكثيرون قد لا يستطيعون استجماع شجاعتهم للاعتراف بخطأ ارتكبوه في حق آخر ومن ثم تقديم واجب الاعتذار، وربما لأن فكرة الاعتذار لديهم تتخذ منحنى يتعلق بالكرامة حسب مفهومهم. وإذا كان الكثيرون منا يستخدمون كلمة "آسف" مرات عدة في اليوم عندما يقاطع زميل زميلا له في اجتماع، وعندما يصطدم أحد بآخر في الطريق، فهل يمكن القول إن مجرد قول كلمة "آسف" قد يكون كافيا في حالة التسبب في إهانة أو جرح شخص بطريقة أو بأخرى؟ وهل التعبير عن الأسف يعد أمرا مهما أو ضروريا؟
بالطبع يعد التعبير عن الأسف عن خطأ اقترفه شخص ضد آخر أمرا بالغ الأهمية، كما يؤكد التقرير الذي نشرته صحيفة "الإكسبرس" البريطانية، التي استعانت فيه ببعض خبراء علم النفس الذين أوضحوا قواعد الاعتذار الذي اعتبروه فنا.
القاعدة الأولى ضمن قواعد الاعتذار التي جاءت على لسان خبراء علم النفس البريطانيين تقول بضرورة الاعتذار في أقرب فرصة ممكنة عما قام به شخص في حق آخر، لأن الاعتذار المتأخر وبعد انقضاء فترة من الوقت يعطي الشخص الذي تعرض للإساءة الفرصة في إطالة التفكير فيما استشعره من ألم أو ضيق نتيجة الإساءة.
والقاعدة الثانية والمهمة في أصول فن الاعتذار أن يكون تقديم واجب الاعتذار بأكبر قدر من الشجاعة والوضوح والصراحة والصدق، وبالحرص الشديد على ألا يتم إرسال الاعتذار عبر البريد الإلكتروني، وعلى عدم استخدام كلمة "لو" في الاعتذار كالقول "لو كنت أسأت إليك" لأن مثل هذه العبارة تعني عدم الاعتراف بالفعل الخاطئ، وعدم القول أيضا "أنا آسف"، "لكن أيضا أنت مخطئ"، لأن تلك العبارة تفتح المجال لجدال آخر.
إن القلق الذي نستشعره من احتمال خسارتنا للشخص الذي تسببنا في إهانته والإساءة إليه يجعلنا نسارع بتقديم واجب الاعتذار عن أخطائنا. والقاعدة العامة التي تقول "أفعالك تتحدث أكثر من كلماتك" إذا قمنا بتطبيقها عند تسببنا في إلحاق ضرر أو إساءة بالآخرين، فإنه يتعين علينا على سبيل المثال أن نرسل لمن نريد أن يتقبل اعتذارنا باقة ورد أو علبة شكولاته، مرفق بها ورقة صغيرة مكتوب عليها اعتذار رقيق.. وإذا كان الاعتذار يحتاج إلى شجاعة ما حتى يسارع المخطئ بتقديم واجب الاعتذار إلى من أخطأ في حقه ويقول "نعم أنا أخطأت وأتحمل المسؤولية". فإنه في المقابل على الطرف الذي وقع عليه الضرر حين يتقدم إليه الشخص معتذرا عما بدر منه ألا يتردد كثيرا في قبول الاعتذار، لأن ذلك قد يتسبب في إحراج من جاء للاعتذار، وربما يتطور الموقف بطريقة سلبية تضر بعلاقتهما، خاصة لو كانا صديقين أو زميلين مقربين في العمل.