نزعة الحرية
نزعة الحرية
الخيارات التي قد تطرحها لنا الحياة ، هي في الحقيقة مستقبلنا لكن بأشكال مختلفة ، أحلامنا و أمنياتنا التي كنا ننفثها بهدوء لتكسونا كل ليلة ، الحذق فيها متطلب ، و الفائز فيها – معركة الاختيار- هو من يرى ما خلف السنين – الحاذق- الذي يعلم ما يجب أن يفعله و يعلم أين يجب أن يكون بعد خمس أو عشر سنوات ، و الأهم أنه يعلم كيف يصل لتلك البقعة من هذه الأرض .
الهدف ليس أمنية تسير لوحدها لتتحقق .
مساعي الإنسان محفوفة بالإنسان نفسه ، مبادئه ، معتقداته ، تربيته ، مجتمعه ،
شهواته ، و فكره ، و نزعاته ، و من تلك النزعات .. الحرية
و إني لأراها لفظة عابرة زارتنا فجأة بين دفات الكتب ، بعدما أرسلنا جثتها بعيداً إلى ما وراء البحر ، لكني أرى أشلائها بدأت بالعودة خلسة ، و تكاد تشهر بنفسها ،و لربما أشهرت !
الحرية في الإختيار هي أن أعمل لهدفي دون تقييد ، دون محاسبة ، دون صد ، دون منع ، دون شوشرة !
الحرية في التخطيط للمستقبل أو في السير نحوه هو مطلب بشري بحت ، منذ العصر الحجري ، إذ كان الإنسان البدائي الأول حر في طريقة اصطياده لوجبة عشاءه ، كهدف يرنو إليه كثيراً دون غيره ، و إني هنا لا أركز على الحرية المطلقة العشوائية ، بل على الحرية المنضبطة و المعقولة ، و التي تقف على حدودها ، ولا تتعدها لتنتهك حدود الحريات الأخرى.
الحرية قد تعتقل و يقذف بها إلى ما وراء الزنازين ،إذا سيطرت عليها إما : السلطة العليا أو المال.
الحرية السلطوية : تحول الناس لدمى ، يتلاعب فيها أعضاء هذه السلطة كيفما شاؤوا ، و الأهم بما يخدم مصالحهم ، و إنها لأبشع أسلوب بشري نعاني منه و من تبعاته .
حرية المال ، أولها قد تكون تلك الحرية المنشودة ، و لكن ما إن يتسلل لها المال و يغري بذلك الرغبات المادية ، حتى تقع تلك الحرية أسيرة له ، تابعة ، يحركها الدينار و الدرهم أينما ذهبا.
أعلم تماماَ أن هذه اللفظ تشكل عالماَ كبيراً يسجن فيه كل البشر ، بل حتى سواهم من في هذا الفضاء الرحب ، و إني لأزعم أن هذا الفضاء يكاد يكون مرادف لتلك الحرية ، التي استعملها الدنيء لمصالحه ، استغل الضعف و تلك النزعة الجميلة من صدور أصحابها ، و أصبح يشكلها على أهوائه ، و يظهر للعالم بأشكال القمع و الظلم و يسترها برداء يسمى " الحرية".