استجابة الدعاء

استجابة الدعاء

استجابة الدعاء

هناك الكثير مما كتب عن الدعاء و شروطه و الإستجابة له و هذا موضوع ربما يفكر به الكثير من الناس في هذه الظروف و ما أريد ان أتكلم عنه هنا ليس إعادة لما كتب و إنما رؤية من جانب جديد آملا بإثراء هذا الموضوع.
و الطريف في الأمر أن ما دفعني في هذا الإتجاه لم يكن متوقعا لأنني كنت استعرض موضوع آليات التعلم و لم بكن موضوع الدعاء جزءا منه. إن اكتساب مهارة جديدة يتطلب مؤازرة و دعما لعملية التعلم فمثلا حين ندرب أحدا ما على واجب محدد نراقب الناتج فإذا لم يكن الناتج مرضيا فيمكن أن يكون هناك حرمان و حتى نوع من الزجر أما إن كان الناتج جيدا فتعطى في هذه الحالة مكافأة لتعزيز و تشجيع الصواب و تطوير الخبرة المكتسبة و هناك عدد من الطرق التي تستخدم لإعطاء المكافأة و توقيتها فهناك طريقة التعزيز المستمر حيث أن التصرف المرغوب تتم مكافأته كل مرة يمارس فيها هذا التصرف. مثلا الضغط على زر محدد يستجلب قطعة حلوى في كل مرة يتم بها ضغط ذلك الزر. و هناك طريقة النسبة الثابتة حيث أن المكافأة تأتي بعد عدد محدد من النجاحات. مثلا إذا باع الوكيل خمسة بيوت عندها يحصل على مكافأة. و هناك طريقة النسبة المتغيرة حيث أن المكافأة تأتي بعد عدد متغير أو عشوائي من النجاحات أو المحاولات و كمثال على هذا النمط الآلات المستخدمة في نوادي القمار حيث أن اللاعب لا يدري متى يحصل على المكافأة.
اللافت للنظر أن طريقة النسبة المتغيرة كانت الطريقة الأكثر فاعلية للتعلم و الأكثر مقاومة للتلاشي و يعود اهتمام الباحثين بهذه الطريقة كونها تتعلق بمشكلة الإدمان التي تصيب بعض المقامرين حيث تبين أن عدم معرفة توقيت المكافأة يضيف عامل إثارة إضافي يعزز العادة أو التصرف و يقويها و بالتالي يصبح من الصعب و العسير التخلص من هذا التصرف ليتحول لإدمان.
هذه الملاحظات جعلتني أتساءل و أربط بينها و بين استجابة الدعاء حيث أن الإستجابة تكون في غالب الأحيان بالطريقة و بالمكان و أيضا بالزمان الذي لم نتوقعه فهذه المكافأة بالمعنى النفسي قد يكون قصد بها أن "ندمن" على علاقتنا بالخالق و هذا أمر حسن إذ كلما كانت علاقتنا بالخالق أقوى كلما كنا أفضل و كنا أقرب أن نحصل على بركاته و مساعدته.
هناك شئ آخر يستحق التأمل: كثير من الناس ربما يحبون و يفضلون الحياة الرتيبة حيث أن كل شئ يسير بانتظام و لا مكان لأي شئ جديد و إذا وضعنا ذلك في مواجهة أحداث الحياة نجد أن هذا التوقع غير واقعي و غير مجد و قد يكون غير صحيا فالحياة مليئة بالمفاجآت المرغوبة وفي حالات أخرى غير المحببة و إن عدم الإستعداد لتلقي هذه الأمور قد يكون كارثيا. أما حينما نتلقى الحياة كما هي و نثق بأن هناك من رتبها بحكمة بالغة تصبح الحياة مغامرة مثيرة لا نعرف أين تسير و لا ما سيحدث و هذا لا يعني أن نضرب الصفح عن التخطيط و الإستعداد بل نجتهد في ذلك ما أمكننا و حينما تأتي الأمور على غير ما كنا نتوقع لا يصيبنا الإحباط و اليأس و لكننا نتأقلم و نتفاعل مع الأحداث بإيجابية و ثقة مما يحرر قدراتنا الجسمية و الفكرية و يقوي عضلاتنا الإبداعية حيث علينا أن نتعامل مع ظروف مستجدة غير متوقعة و تصبح الحياة رغم تعبها و أحيانا آلامها رحلة مثيرة لا نجلس فيها بانتظار الغد المشرق بل نسير إليه لأننا نعلم أنه ينتظرنا. .. رحلة نصب فيها جهودنا و ننمو و ننضج على نار التجربة.
ربما كان المقصود من عدم إجابة الدعاء مباشرة و بالشكل الذي نريده أن نتعلم أسلوب و طريقة العيش بمرونة و المحافظة على حياة مفعمة بالنشاط و الأمل و التفاؤل.

الأكثر قراءة