القليل من حديث السرّ ..

القليل من حديث السرّ ..

القليل من حديث السرّ ..

وجوه الناس ، حركتهُم ، حديثهم .. اهتزازات مشاهدهم التابع لاهتزازات المركبة ..
التي تقلني إلى الجامعة كل يوم و تغادري بي منها إلى أمي ،
رواج الفكرة منذ سنين في مخيلتي في كل انطلاقة تبدأ ببحة المحرك و فوران البترول ،
أصوات كافتتاحية للمسرحية القادمة ، تهيئني للإمساك باللاقط ،و الحديث بسرية تامة ..
عن كُل الأشياء التي يرسلها الضوء إلى عيني، إلى كُل جزء من عالمها..
اصطفاف المراكب على الشواطئ ، و السيارات على الطريق ، و الطائرات على المدرج..
أشياء تبعث على التأمل لوهلة ثم الضياع لوهلات في عالم اُختلُق من كذبة الأحلام ..
السُحب أصبحت لا تثير اهتمامي كما في صغري ، في أحلامي ..
كالملهمة كنزه القطن هذه .. تثيريني كثيراً للإمساك بها و بعثرتها أكثر ..
أصبحت اليوم .. مجرد ظاهرة علمية بحتة ، تدور في نظام مستمر و ثابت ..
التأملات الكونية بدأت تختلط بتأملات بشرية .. فالبشر .. الإنسان البشري الفرد الواحد ،
أره صدفة عابراً من أمامي ، أتخيل إلى أين قد يذهب ؟
إلى حل مشكلة ديونه.. سدادها ، إلى التجهيز لزواجه ،
عائداً من البلاد البعيدة إلى تقبيل أقدام أمه ، إلى عمله ، إلى جامعته ، أم ..
إلى السجن ، إلى دفن أبيه ، إلى الموُت في الغفلة ، إلى الأخذ بالثأر ، إلى القتل أو إلى القبر ؟!!
في كُل طريق … بشر و ألف حكاية ، أبدُو في الصورة لدقيقة كحكاية صغيرة بين هذه الحكايات ،
ثم ما ألبث أن أخرج إلى الطريق الأخر و أختلط بحكايا أخرى و أخذ صور للذكرى ..
الحكايا الصغيرة هي نحنُ ، لكننآ نعظم من حجم تلك القصة ،
حنى نكاد لا نستطيع سترها داخل قطعة قماش ..
نحنُ ، نعُود نحن.. صغار ، حين نستمع لتلك الحكايا الكبيرة في الحقيقة ..
و اصحابها يتعايشون معها كطفلة صغيرة لكنها شقية و تكاد تكون مزعجة ..
مجرّد التأمل في وجوه البشر الذين يتبعثرون أمامي ..
و ضياعي بين تجاعيد وجه الكبير و عبوس الصغير و نظرة المكتئب المرير ..
تُهُون عليّ ما قد جد لديّ ، و سار بي نحُو الحزن الأسير ..

الأكثر قراءة