العيد جسد واحد
العيد جسد واحد
كان الناس منذ زمن ليس بالبعيد يشعرون بسعادة تغمروهم كلما اقترب قدوم العيد, وكان الناس يأنس بعضهم لبعض لقدومه, فهم ينتظرونه بلهفه وشوق وهو يستقبلهم بمودة وحنين . تلك اللهفة بدأت تخفت وتقل مع مرور الزمن, فهل العيد الذي تغير أم نحن الذين تغيرنا ؟!. لماذا لم نعد نشعر بروعته وصفاءه كما يشعر به أولئك الأطفال؟.
كان العيد يعني لنا أكثر من مجرد كلمات بل هو لتأليف القلوب فيما بينها, وهو وقت للتجديد الصلة بالآخرين, فهو يعلمنا أن نصل من قطعنا. وكأني به الآن يعاتبنا فيقول لنا جدد ما في داخلك قبل ظاهرك.
في أيام مضت كان للعيد طمع وسمه أخرى ولعل لطوفان التقنية الحديثة أثر كبير على نمط وسلوك البعض . فأصبحنا نكتفي برسالة تهنئة على الجوال أو عن طريق الرسائل الكترونية, فيشعرك ذلك بأننا كالغرباء الذين يلتقون على صفحات الأجهزة فقط!.
أن الإنسان اجتماعي الطبع فعلينا أن لا نفرط في استخدام التقنية حتى لا نفقد العيد نكهته وروحه. فالأهم هو الإحساس بروح الجماعة والجسد الواحد فالرسالة عبر الجوال قد لا تروي الظمأ ولا تصل المقطوع !.
نعم قد يكون التواصل التقني هو الوسيلة المتاحة لمن بعد علينا الوصول إليه , وحال بيننا وبينه مسافات و أزمنة , ولكن عندما تصبح هي الوسيلة الأوحد للتواصل مع أهلنا وجيراننا وأصدقاؤنا والذين هم يعيشون معنا في نفس المدينة فهذا يفقدنا شيء من جمال العيد ومعانيه , فكأننا نهرب و نختبئ خلف هواتفنا كأجساد متفرقة مبعثرة.
أن للعيد مقاصد جمة لعل من أهمها التواصل الاجتماعي والأسري بين فئات المجتمع . فهو فرصة لتوصيل مشاعرك حسيا ومعنويا نحو الآخرين, وهو مناسبة جليلة لمد جسور الوصال و تجديد العلاقات مع الأقارب و الأصدقاء.
وللعيد مقاصد أخري غير التواصل الأسري والاجتماعي فهو يقول لك أنا جائزتك على إتمام شهر رمضان المبارك , وأنا هديتك على صيامك وقيامك وانجازاتك في رمضان فهو كالبشارة للفائزين.
ومن مقاصده أيضا أنه يشعرك بالانتماء إلى أمة كبيرة متنامية الأطراف, ومتعددة الأعراق والأجناس, وأنك جزء منها ممتد عبر تاريخ الأمة العربية والإسلامية. ولذلك لابد أن لا ننسى في غمرة العيد أخوانا لنا يعيشون في شتى بقاع الأرض فمنهم الفقير ومنهم المظلوم , وفيهم المقهور والمغلوب على أمره , و بعض الأخرى مغترب منذ أمد عن الأوطان, فإذا عجزنا أن نقدم لهم العون فلا أقل من أن نشعر بهم وندعو لهم كأننا جسد واحد .
وكل عام والأمة العربية والإسلامية بخير وعافية.