مسالخ «عشوائية» .. بيئة خصبة للأمراض والعدوى
في الوقت الذي انتشرت فيه مسالخ عشوائية، يديرها وافدون مخالفون، حذّر مختصّون من كونها تشكل خطراً كبيراً على الصحة كون انعدام النظافة يتيح انتقال الأمراض والعدوى من خلالها في ظل بيئة خصبة تنعدم فيها كل الوسائل الصحية.
وتذمّر عددٌ من المواطنين من جرّاء عشوائية العمل بها وخلوها من أدنى مستويات النظافة والصحة.
"الاقتصادية" خلال جولة ميدانية لها رصدت عدداً من المسالخ غير النظامية والمخالفة للاشتراطات الصحية، إلى جانب افتقارها إلى أبسط مقومات النظافة والاهتمام حيث يبرز العمل العشوائي فيها، وتديرها عمالة مخالفة لأنظمة الإقامة والعمل اتخذت من إحدى الاستراحات العشوائية - جنوبي الرياض - مسكناً خاصّاً بها، إلى جانب عملها فيه.
وأرجع مواطنون التقتهم "الاقتصادية" خلال الجولة لجوئهم للذبح في هذه العشوائيات المخالفة، إلى قرار أمانة مدينة الرياض عدم السماح بالذبح في المطابخ طوال أيام السنة، وهو ما أسهم في ازدحام المسالخ البلدية بالرياض ولجأ عديد من المواطنين والمقيمين إلى هذه المسالخ غير النظامية رغبة في ذبح مواشيهم خلال وقت قصير وعلى الفور رغم أن التكلفة المادية للذبح مضاعفة.
#2#
ورصدت "الاقتصادية" أساليب العمالة وطرقها في كسب ود الزبون نحو مسالخهم المخالفة للاشتراطات الصحية، حيث تنتشر أمام المسالخ البلدية وعلى جنبات الطرق المؤدية إلى سوق الأغنام وتعرض على مشتري الماشية من مواطنين ومقيمين ذبح مواشيهم وسلخها في زمن قياسي لا يتجاوز الدقائق العشر، ومن ثم يتم التفاوض على السعر الذي حُدِّد من قِبلهم مسبقاً بــ 50 ريالاً للذبيحة الواحدة، وهو ضعف المبلغ المتعارف عليه في المسالخ البلدية، وبعد أن يتم الاتفاق على السعر يستقل العامل سيارة زبونه صوب المسلخ؛ ليتولى ذبح ماشيته وسلخها، وعند الانتهاء يعود أدراجه بحثاً عن زبون آخر.
وتنشط المسالخ المخالفة بشكل كبير، حسب أقوال العاملين فيها، خلال شهر رمضان وعيد الأضحى ويزاول العاملون فيها أنشطتهم على أرصفة سوق الماشية وجنباتها بحثاً عن زبائن لهم، وتمثل فترة ما بعد صلاة المغرب وقت الذروة بالنسبة لهم؛ نظراً لإقفال مسلخ العزيزية أبوابه في ذلك الوقت، وحدّدت العمالة أسعار الذبح خلال شهر رمضان بــ 50 ريالاً للذبيحة الواحدة؛ فيما يتضاعف السعر خلال عيد الأضحى المبارك.
#3#
وأسهم ذلك في انتشار العمالة المخالفة التي توزعت على مداخل سوق الأغنام ومخارجها ومسلخ العزيزية بجنوب الرياض؛ للبحث عن زبائن لمسالخهم المخالفة للاشتراطات الصحية التي لا تملك أدنى مقومات النظافة والاهتمام. وتنتشر العمالة أمام المسالخ البلدية بغية البحث عن زبائن لمسالخهم الخاصّة والتي أنشأوها داخل الاستراحات العشوائية.
والتقت "الاقتصادية" المواطن محمد السبيعي، الذي أكد أن منع الذبح والسلخ في المطابخ ومطاعم المندي وسط الأحياء السكنية أسهم في ازدحام المسالخ البلدية التي يطول الانتظار فيها ما جعل بعضهم يقبل بمضض اللجوء إلى الذبح والسلخ في أي مكان.
وناشد الأمانة بالسماح للمطابخ والمطاعم بالذبح طوال أيام السنة وتحت إشراف ورعاية صحية حتى لا يضطر المواطنون إلى الاتجاه للمسالخ غير النظامية والتي لا تتوافر فيها أدوات ووسائل نظيفة وتديرها عمالة غير نظامية ربما تكون مصابة بأمراض معدية.
كما أبدى أحد المواطنين الذين أحضروا ذبائحهم للمسلخ المذكور، تذمّره من سوء نظافة الموقع، وأرجع أسباب عدم ذهابه للمسالخ البلدية، إلى الكم الهائل من الذبائح التي تستقبلها ما يضطره للانتظار وقتاً طويلاً بالخارج، وذلك نظراً لعدم وجود أماكن صالحة للجلوس لفترات طويلة، إضافة إلى قرار الأمانة بعدم السماح بالذبح في المطابخ، وهو ما كان يسهم في تخفيف الضغط على المسالخ البلدية الرئيسة - على حد قوله.
من جانبه، أكد لـ "الاقتصادية" طبيب بيطري خطورة التوجّه للمسالخ العشوائية غير النظامية والتي لا توفر أيَّ خدمة تُذكر ابتداءً من الكشف على المواشي التي يتم ذبحها، مستدركاً أن الكشف على الذبيحة أمرٌ ضروري لا بُدَّ منه حتى يتم تلافي وجود بعض العوارض والأمراض الشائعة التي تُصاب بها الماشية؛ موضحاً أنه يتم التعرُّف على سلامة الذبيحة من خلال فحص الكبد والغدد اللمفاوية عند الأمعاء والفخذ، كما يقوم بقطع الكبد إلى نصفين للتأكد من عدم وجود أيِّ بقع عليها وفحص المرارة للتأكد من عدم تضخمها.
وكانت أمانة الرياض قد أكدت، في وقت سابق، توفير بدائل وخيارات للمواطن والمقيم في ذبح ماشيته سواء عبر مسلخ الرياض الآلي في حي المصانع، وطاقته الاستيعابية 800 ذبيحة في الساعة، ومسلخ العزيزية في حي العزيزية، وطاقته الاستيعابية 800 ذبيحة في الساعة، ومسلخ غرب الرياض حي العريجا، وطاقته الاستيعابية 600 ذبيحة في الساعة، ومسلخ شمال الرياض حي المروج سوق الشمال للخضار، بطاقة استيعابية 400 ذبيحة في الساعة، ومسلخ حي السعادة بطاقة استيعابية 500 ذبيحة في الساعة.
وتعرف المسالخ بأنها الأماكن التي يتم فيها ذبح الحيوانات المجاز ذبحها شرعاً، وتكمن أهمية إنشائها في الكشف على الماشية قبل ذبحها لمنع انتشار الأمراض المعدية والسيطرة على الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، والحد من الأمراض التي تنتقل للإنسان بواسطة اللحوم إضافة إلى تطبيق الأحكام الشرعية الإسلامية الخاصّة بالذبح، والحد من ذبح إناث المواشي المحلية الصغيرة في السن للحفاظ على الثروة الحيوانية وتكاثرها، والمحافظة على صحة البيئة من خلال التعامل العلمي السليم مع المخلفات الحيوانية، والتخلص من الحيوانات النافقة بطرق صحية وسليمة، والاستفادة من بعض مخلفات الماشية كالجلود والشعر والدم والقرون وغيرها، والتخلص من النفايات واللحوم المصابة بطريقة صحية تحد من تلوُّث البيئة.