«سقيا زمزم» .. مشروع رائد للحفاظ على الماء المبارك
واكب مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لسقيا زمزم, الذي ينفق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بصفة شخصية، وقدرت تكاليف إنشائه أكثر من 700 مليون ريال سعودي, والذي استغرق إنشاؤه 30 شهراً – واكب انطلاق شائعات مغرضة بحق ماء زمزم, فبادرت الحكومة السعودية إلى إنشاء هذا المشروع الضخم الذي ينظم عملية تعبئة ماء زمزم, بطرق معقمة, وبمضخات كبيرة, مجهزة لهذا الغرض, إضافة إلى عملية توزيعه عبر منافذ مقننة, تتيح لكل الراغبين في الحصول على ماء زمزم, أن يتمكنوا من الحصول عليه في أي وقت كان.
كاميرا "الاقتصادية" تجولت في جميع أقسام المشروع, واطلعت على مراحل إنتاج ماء زمزم, من بدء ضخه من البئر وحتى مرحلة تسليمه من خلال شبابيك التسليم, وقبل أن يتم التطرق إلى مراحل إنتاج ماء زمزم, يجب التعرف على هدف هذا المشروع الضخم, وهو رفع معاناة الناس في الوصول إلى ماء زمزم وتوفير ظروف أفضل للسلامة والأمن وحماية الماء المبارك من التلوث بعد خروجه من البئر ومن الغش عند تداوله.
#2#
أرقام
يعد هذا المشروع من أهم مشاريع خدمة الحرمين الشريفين التي قرنها الله في كتابه العزيز بعمارة المسجد الحرام. ويتكون مصنع التعبئة من عدة مبانٍ منها مبنى ضواغط الهواء ومستودع عبوات المياه الخام ومبنى خطوط الإنتاج ومبنى مستودع العبوات المنتجة بطاقة تخزينية يومية تبلغ 200 ألف عبوة. تبلغ مساحة المصنع أكثر من 13 ألف متر مربع, ويشمل المشروع مبنى المولدات الكهربائية الاحتياطية بطاقة 10 ميجاوات، ويعمل بنظام (سكادا) الذي يمكن من التحكم والمراقبة لمراحل المشروع كلها ابتداءً من ضخ المياه من البئر إلى آخر مراحل التعبئة, ويحتوي المشروع على مستودع آلي مركزي لتخزين وتوزيع العبوات المنتجة من مصنع التعبئة مجهز بأنظمة تكييف وأنظمة إنذار وإطفاء الحريق بتكلفة تبلغ أكثر من 75 مليون ريال، يمثل 15 مستوى لتخزين وتوزيع 1.5 مليون عبوة سعة عشرة لترات.
تقنية
#3#
يعمل مستودع التخزين بشكل آلي بواسطة نظام تقني متقدم دون تدخل بشري للوفاء باحتياجات المواطنين والمقيمين وقاصدي بيت الله الحرام من الزوار والمعتمرين وضيوف الرحمن في أوقات الذروة، حيث يتم تخزين واستخراج العبوات آلياً من خطوط الإنتاج بمصنع التعبئة عبر سيور ناقلة آلية تصل بين خطوط الإنتاج والجسر الناقل الذي يصل بدوره بين مصنع التعبئة والمستودع المركزي سعة 1.5 مليون عبوة، وتستخدم فيه أحدث أنظمة التخزين العالمية المعروفة باسم التخزين الآلي والاسترجاع الآلي (AS/RS)، حيث تدخل العبوات المنقولة عبر الجسر الناقل إلى المستودع المركزي بواسطة رافعات رأسية حمولة كل منها (2000 كيلو جرام) تُخزن هذه العبوات في أماكن محددة ويُتحكم فيها وتدار عن طريق برنامج تخزين متطور يتم من خلاله التخزين حسب تاريخ الإنتاج وخط الإنتاج ويتيح هذا البرنامج المتطور تحديد أولويات التوزيع حسب تاريخ التخزين ونتائج الاختبارات الخاصة بالمياه المنتجة التي تتم في مختبر المحطة.
#4#
وبعد انتهاء مرحلة الإنتاج والتخزين تبدأ مرحلة نقل العبوات المخزنة من مبنى المستودع إلى نظام التوزيع الأوتوماتيكي عن طريق الرافعات الرأسية لتوضع العبوات على سيور ناقلة تنقلها إلى 42 نقطة توزيع آلية، حيث تُوزع هذه العبوات على المستفيدين باستخدام قطع معدنية خاصة، كل منها مخصص للحصول على عبوة واحدة فقط، ويمكن الحصول على هذه القطع من منافذ التوزيع الخاصة المنتشرة داخل منطقة المشروع ليقوم المستهلك بوضع القطعة داخل ماكينة التوزيع فيحصل آلياً على العبوة.
توسع
تدرس السعودية إنشاء مشروعين تابعين لهذا المشروع يختصان بتحسين وتطوير عملية توزيع مياه زمزم داخل الحرمين الشريفين، فالمشروع الأول هو تعديل تصميم حاويات مياه زمزم سعة 40 لتراً داخل الحرمين، بحيث تأخذ تصميماً جديداً يقضي على كثير من السلبيات المصاحبة للتصميم القديم، وسيتم توريد خمسة آلاف من هذه الحاويات قبل موسم الحج المقبل إن شاء الله, والمشروع الثاني تركيب أجهزة ومعدات لغسيل وتنظيم وتعقيم الحاويات والانتقال بذلك من التنظيف اليدوي الذي كان يستهلك الكثير من الجهد والماء ويعاني البطء، إلى نظام حديث يخفض استهلاك المياه أثناء التنظيف. دعا خبير بيئي بضرورة إنشاء نقاط بيع رسمية لماء زمزم في الطرقات العامة خصوصا مداخل ومخارج العاصمة المقدسة, من خلال أكشاك تقوم بتنفيذها الجهات المعنية وفق المعايير الصحية والبيئية الملائمة التي تحفظ ماء زمزم من التعرض لأشعة الشمس المفضية إلى تلفها. وقال الدكتور فهد تركستاني, الأستاذ المشارك في جامعة أم القرى والمحكم البيئي بمجلس التعاون الخليجي: "من الضرورة أن تكون هناك مطالبة بإنشاء أكشاك بيع ماء زمزم, في الطرقات, من قبل أمانة العاصمة المقدسة وبإشراف صحة البيئة, والدفاع المدني, وذلك وفق معايير بيئية وصحية, بحيث تراعى تلك الجوانب من حيث اختيار المواقع المناسبة لوضع تلك الأكشاك, فمثلا لا بد أن يكون الكشك مجهزاً بطريقة تمنع تسلل أشعة الشمس أو أن تؤثر حرارتها على هيكلها, إضافة إلى أنه لا بد أن يكون موقع الكشك يبعد عن أشعة الشمس قدر الإمكان".
وأضاف تركستاني "أن المنظر الحالي لبيع زمزم على الطرقات هو بلا شك منظر غير حضاري ولا يعكس الجمالية المعهودة على العاصمة المقدسة, ولو نظرنا إلى الإقبال الكبير على شراء ماء زمزم من خلال هؤلاء الباعة, لالتمسنا لهم بعض العذر, خصوصا أن مكة المكرمة يتوافد إليها الملايين من الزوار والمعتمرين, وبالتالي فالقابلية الشرائية لماء زمزم موجودة وبنسبة كبيرة".