أكلات شعبية وبوطبيلة والقرقيعان.. عادات حساوية تصارع زمن الحداثة
أجواء رمضانية مصحوبة بعادات شعبية تمارسها الأسر السعودية في المنطقة الشرقية خلال شهر رمضان الكريم كغيرها من مناطق المملكة الأخري، وإن اختلفت في بعضها من منطقة لأخرى إلا أن الجانب الروحاني والمورث الثقافي والبيئي للمملكة بشكل عام يظل طاغيا على جل الحياة الاجتماعية للسعوديين منذ بداية شهر رمضان وحتى عيد الفطر المبارك.
الأحساء إحدى محافظات الشرقية التي تحاول جاهدة الاحتفاظ بقليل من عادات رمضانية تحكي تاريخها وارتباط الإنسان بهذا التاريخ المصاغ من عادات وتقاليد أبت إلا أن تبقى تصارع حداثة المكان والزمان.
فإن هنالك كثيرا من العادات التي عرفها أهالي الشرقية وظلوا يتوارثونها خلال شهر رمضان، وإن كانت هذه العادات تكاد تكون متشابهة في بقية المناطق كالاستعداد لوجبة الإفطار مبكراً، حيث يكون الإفطار في الغالب في البيوت، إضافة إلى عادة التزاور والإفطار كل يوم لدى عائلة أو شخص معين، وهكذا حتى نهاية رمضان، وكذلك هناك عادة أخرى وهي عادة الإفطار في المساجد، حيث يتعهد رجال الخير بالتكفل بوجبة الإفطار للمصلين في المساجد، وكذلك العائلات المجاورة للمساجد تقوم بتزويد المساجد بوجبات إفطار مختلفة على حسب إمكانية وقدرة أرباب البيوت المجاورة للمساجد، مضيفا أن من تلك العادات تبادل وجبات الإفطار بين الجيران وأكثرها التمر يتم تبادله بينهم وتجهيز الحب والحلوى والبسكويت والمكسرات لهم. لذا في شهر رمضان يغمر الكل الإحساس بالرحمة والسعادة، كما يرتبط به أمور يجب الإعداد لها مسبقاً مثل شراء الأطعمة الخاصة والمشارب الرمضانية" الموائد الرمضانية.
فرمضان في الأحساء مثلا فيه عادات اجتماعية شهدت تحولا وتغيرا كبيرا مع دوران عجلة الزمن، وتسارع ركب الحياة والحداثة والتطور لعل من أبرزها كون جبل القارة في سنوات خلت يشهد ازدحاما من قبل ساكني القرى المجاورة لذلك الجبل الذين يفدون إليه للنوم في كهوفه لعدم توافر التيار الكهربائي وهروبا من حرارة الطقس. ويشير محمد القحطاني مواطن من الأحساء إلى أن أهاليها كانوا قديما يعلمون بدخول شهر رمضان عن طريق رؤية هلال الشهر، وذلك عن طريق كبار مشايخ البلد الذين يخرجون لموقع بعيد عن البيوت لرؤية الهلال ليتم الإعلان عن ذلك بواسطة إشعال المدافع، فيعرف الناس أن بداية شهر رمضان ستكون في الغد، وعن المائدة الأحسائية في رمضان يشير الشهاب إلى أنها كانت تتكون من أطباق بسيطة ورئيسة من الأكلات الشعبية المعروفة قديما كاللقيمات والشعيرة أو الهريس والجريش والنشا والكستر وقبل كل شيء لا بد من وجود طبق التمر.
أما محمد السالم يبلغ من العمر 62 عاما فيقول: إن العادات الاجتماعية في الماضي كانت تتسم بالتواصل بين ساكني الحي، وذلك لتبادل التهاني والتبريكات بحلول الشهر الفضيل، إضافة إلى تبادل الأطباق الرمضانية بين منازل الحي، وكذلك الاجتماع في المساجد لمعرفة الأمور الهامة عن الصيام. يضيف السالم أنه من المظاهر المعروفة في الأحساء بما يعرف (بوطبيلة) أو المسحراتي الذي يبدأ في مهامه ابتداء من أول أيام رمضان بجمع الناس معه والطواف على الحي ليعلن بداية الشهر، وكذلك يعلن دخول وقت السحور قبل أذان الفجر بساعة، أما عن قضاء الأهالي لليالي رمضان فيكون غالبا بقراءة القرآن الكريم في المسجد، بينما يحتفل الأطفال في 15 رمضان بالقرقيعان.