«متلازمة الموت المفاجئ» تحير أطباء العالم حول وفيات الرضع
تعد تجربة فقدان طفل رضيع من أكثر التجارب المؤلمة والقاسية التي يعيشها الأبوان كما تروي لنا ريم السعيد التي فقدت طفلها الأول ولم يكمل أشهره الثلاثة إثر اختناقه أثناء نومه بين والديه.
تقول السعيد التي ما زالت تتذكر تفاصيل تلك الحادثة المؤلمة ''في تلك الليلة شعرت بالإنهاك والتعب من كثرة الاستيقاظ بشكل متكرر لإرضاع طفلي، ما جعلني أضع ''عبد الله'' في حضني وأنام باقي ساعات الليل دون أن استيقظ لأطمئن عليه كعادتي، مضيفة ''لكني صدمت عندما استيقظت من النوم وقد تغير وجه طفلي إلى اللون الأخضر المزرق، ورغم أن زوجي أسعفه مسرعا إلى المستشفى لكن الطبيب في الطوارئ اخبرنا أنه توفي مختنقا أثناء النوم.
والطفل عبد الله واحد من آلاف الأطفال الرضع الذين يتوفون بشكل مفاجئ أو غير متوقع بـ ''متلازمة الموت المفاجئ عند الرضع'' حول العالم، وبعيدا عن الأخطاء الطبية الواضحة والأمراض المعدية هناك أسباب عديدة قد يكون جهل الوالدين عاملا مشتركا بين كثير من الحالات.
ويعرّف لـ ''الاقتصادية'' الدكتور خالد المنيع استشاري طب الأطفال وعضو الجمعية السعودية لطب الأطفال، ''متلازمة الموت المفاجئ عند الرضيع'' بأنها وفاة الرضيع المفاجئة غير المتوقعة، وغير مفسرة بالفحص بعد الوفاة الذي يتضمن تحليلا كاملا، وتحري طبيعة الوفاة، ومراجعة تاريخ الرضيع المرضي والدوائي السابق. وبين أن تاريخ المرض وطبيعة الوفاة لا ينفيان كل الأسباب المعروفة لوفاة الرضيع المفاجئة كالعيوب الخلقية والدماغية.
ويضيف المنيع، أن التفسير الأكثر قبولاً لشرح ''متلازمة الموت المفاجئ'' هو وجود عيوب في جذع الدماغ في منطقة تنظيم ضربات القلب والتنفس، وقد تصاب مناطق أخرى كمناطق تنظيم ضغط الدم وتنظيم النوم، منوها إلى أن مشكلات التنفس لدى الأطفال المعرضين لتلك المتلازمة تتضمن انقطاع تنفس لمدد طويلة نسبيا، وانقطاعات تنفس قصيرة كما أن لديهم خطورة زائدة عند نقص الاستجابة للتهوية في حال نقص الأكسجين. وأضاف أن غياب الاستجابة لنقص الأوكسجين بالاستيقاظ يجعل الأطفال غير قادرين على عمل ردة فعل تجاه الاختناق المرتبط بالنوم، وذلك بغض النظر عن سببه ما قد يؤدي إلى الوفاة خاصة أن الطفل الرضيع لا يستطيع أن يطلب المساعدة.
ويربط استشاري الأطفال بين الاستيقاظ والعمر بعد الولادة قائلا ''إنه كلما ازداد نضج الرضيع فإن قدرته على الصحو والاستيقاظ تكون جيدة أما إذا كان العكس فإن استجابته لنقص الأكسجين يكون لها تأثير كبير في حدوث المتلازمة. وأشار إلى أنه تترافق زيادة حرارة الجسم أو المحيط مع متلازمة الموت المفاجئ للرضع في العادة.
وأكد المنيع أن الرضع الذين يعانون عدم انتظام ضربات القلب هم أكثر قابلية لحدوث المتلازمة، حيث توجد لدى الأطفال الذين يتوفون به معدلات أعلى لضربات القلب في كل حالات اليقظة والنوم، وتناقص في تبدل سرعة القلب خلال الأرق، كما يوجد لديهم أيضا تغيير أقل بشكل ملحوظ في سرعة القلب عند تواتر تنفسي معين خلال كل دورات النوم مقارنة بالرضع الطبيعيين. وأوضح أن جزءا من تناقص وزيادة سرعة ضربات القلب عند الرضع أسبابه عديدة منها اعتلال في الأعصاب، أو إصابة جذع الدماغ في المناطق المسؤولة عن ضبط ضربات القلب أو إلى عوامل أخرى.
ويعد المنيع تدخين الأم خلال الحمل وبشكل واضح من الأكثر الأسباب خطورة لأنه السبب الأكثر شيوعا في وفيات الرضع من أمهات مدخنات، حيث يفترض مسؤوليته عن 35 إلى 55 في المائة من وفيات الرضع من عمر شهر واحد وحتى سنة واحدة، محذرا بقوله ''أطفال الأمهات المدخنات يتوفون في عمر أصغر، وتزداد خطورة الوفاة بشكل كبير كلما ازداد عدد السجائر المدخنة يوميا و يمكن للخلل في خلايا الرئة للأم المدخنة أن يشارك في الفيسيولوجيا المرضية لمتلازمة موت الرضيع المفاجئ. كما تثبت الدراسات الأولية والدراسات السريرية تناقص التهوية والاستجابة بالصحو وضعف القدرة على الاستيقاظ لنقص الأكسدة بعد تعرض الجنين للنيكوتين.