«تداول» تحفز الشركات العائلية للتحول إلى مساهمة عامة
أوضحت ورقة عمل أعدها مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، بعنوان: ''الشركات العائلية السعودية في عصر العولمة.. التحديات وسبل التهيؤ''، أهمية المحافظة على الشركات العائلية، باعتبارها تشكل النسبة الأعلى من إجمالي الشركات العاملة في اقتصاد المملكة، حيث تشير الإحصائيات، إلى أن أكثر من 90 في المائة (أكثر من 800 ألف شركة) من الشركات العاملة في المملكة، تعد شركات عائلية، يعمل فيها أكثر من 80 في المائة من القوى العاملة، بإجمالي استثمارات يتجاوز 400 مليار ريال، وحجم مبيعات وصادرات يفوق 350 و130 مليار ريال سنوياً على التوالي.
هذه الأهمية الاقتصادية للشركات العائلية في المملكة، حدت بالجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص لتحفيز مؤسسي وملاك الشركات العائلية الأساسيين على تحويل شركاتهم العائلية إلى شركات مساهمة مقفلة أو مفتوحة، ومن ثم إدراجها في السوق المالية، لكون أن ذلك سيعود بعديد من الفوائد على الشركات وملاكها في المقام الأول، وعلى الاقتصاد الوطني في المقام الثاني، ولا سيما حين النظر والأخذ بعين الاعتبار ما تتمتع به الشركات العائلية من معدلات نمو مبيعات وأصول وعوائد على رأس المال مرتفعة، بما في ذلك هوامش أرباح جيدة. كما أن تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة، سيعزز من تصنيفها القانوني، ولا سيما في ظل عدم وجود تصنيف قانوني للشركات العائلية في المملكة في الوقت الراهن، سوى تصنيفها الذي ينحصر ضمن عدة مسميات مثل شركات ذات مسؤولية محدودة أو تضامنية.. إلى غير ذلك من التصنيفات والمسميات القانونية.
ملتقى تداول الأول الذي عقد بتاريخ 18 نيسان (أبريل) 2012 في مدينة الرياض تحت عنوان: ''الطريق للتحول إلى شركة مساهمة عامة.. المزايا والتحديات''، استعرض عدداً من تجارب الشركات العائلية، التي تحولت إلى شركات مساهمة مغلقة، ومن ثم تم طرحها للاكتتاب العام وإدراجها في السوق المالية السعودية، وكيف انعكس ذلك بفوائد اقتصادية ومالية عديدة على تلك الشركات وأصحابها على حد سواء، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الاستفادة من مزايا نظام الشركات المساهمة المرتبطة بإنشاء شركات ذات ذمة مالية مستقلة عن العائلة، والتعزيز من مستويات الشفافية والفصل بين الإدارة والملكية، وعدم انتهاء حياة الشركة بوفاة أحد الملاك أو المؤسسين. كما أن تحول الشركات العائلية إلى مساهمة أكسبها متانة مالية وقوة تفاوضية كبيرة في السوق، وبالذات مع الموردين وجهات التمويل المختلفة، بسبب زوال المخاطر والتحديات، التي عادة ما تواجهها الشركات العائلية، التي من بينها - على سبيل المثال مخاطر عدم الاستمرار عند تسلم الجيل الثالث دفة الإدارة، ولا سيما أن نسبة فشل الشركات في الاستمرار للجيل الثالث مرتفعة جداً تتجاوز نسبتها 60 في المائة.
الدكتور عبد الرحمن التويجري، رئيس مجلس هيئة السوق المالية، في كلمته التي ألقاها في الملتقى المذكور، أكد أن تحويل الكيانات الاقتصادية العائلية الكبيرة إلى شركات مساهمة عامة تنفصل فيها الملكية عن الإدارة، سيعزز من إمكانية نموها واستمرارها والتوسع في أنشطتها، كما أن إدراج تلك الكيانات في السوق المالية، سيعمل على تعميق السوق المالية، ولا سيما أنه على الرغم مما شهدته السوق من تطور خلال السنوات الماضية من حيث التنظيم والشفافية والإفصاح وكذلك التوسع في الإدراج، إلا أن عدد الشركات المدرجة في الوقت الراهن في السوق، لا يعكس حجم ومكانة الاقتصاد السعودي في ظل وجود كيانات اقتصادية كبيرة مؤثرة لا تزال خارج السوق المالية.
كما أن تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة وإدراجها في السوق المالية، سيعمل في مصلحة الملاك والمؤسسين الأساسيين لتلك الشركات في المقام الأول، وذلك لعدة اعتبارات من بينها - على سبيل المثال لا الحصر، فصل الإدارة عن الملكية، وعدم تفرد أحد الملاك بسلطة القرار بحكم السن أو الأقدمية، وسيمكن الشركة من الاستمرار On Going Concern حتى في حالة وفاة أحد الملاك أو المؤسسين، مما سيحقق الاطمئنان للأطراف الخارجية، التي تتعامل مع الشركة مثل الموردين وجهات التمويل المختلفة.
خلاصة القول، إن تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة، سيعود على أصحابها والاقتصاد الوطني بفوائد عديدة، من بينها تعزيز قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ولا سيما حين النظر إلى حجم الأموال الكبيرة المستثمرة في تلك الشركات والعوائد الإنتاجية التي تتحقق في كل عام، إضافة إلى قدرة تلك الشركات على توظيف أعداد كبيرة من العمالة، الأمر الذي سيساعد في القضاء على البطالة في السعودية. كما أن التحول سيحقق الفصل المطلوب بين الإدارة والملكية، مما سيمكن الإدارة من اتخاذ قرارات أكثر منطقية وعقلانية، بعيداً عن العواطف أو التفرد بسلطة القرار بحكم السن أو الأقدمية، الأمر الذي سيعود بشمولية النفع والفائدة على الملاك وعلى أداء الشركات المالي.
من هذا المنطلق ركز الملتقى الأول للتداول على أهمية تحول الكيانات العائلية إلى شركات مساهمة عامة، ومن ثم يتم إدراجها في السوق المالية، لكون ذلك سيكفل لها الاستمرارية والنمو، وسيعمل أيضا على تعميق السوق، والتزام تلك الشركات بمعايير وأنظمة السوق، مثل درجات الإفصاح والشفافية وتطبيق معايير ومتطلبات الحوكمة.