صناعة الأبطال

بعد أن جفَّت ينابيع المواهب في الكرة السعودية، وافتقدت مجهر الكشافين الذين أسهموا في إمداد رياضتنا في السابق بلاعبين شقوا طريقهم إلى عالم النجومية، ها نحن أمام كشَّاف جديد وفريد من نوعه باستطاعته صياغة منظومة فرق غابت عن سماء البطولات ودنيا المنافسة سنوات طويلة، وباتت مشاكلها تتصدر مشهد القنوات الرياضية ومساحات البرامج الحوارية وأعمدة الصحف.
هذا الكشاف برز في الميدان الرياضي مجدداً، فبعد أن كثر الحديث في وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية عن احتكار المنافسة السنوي في دوري زين للمحترفين، نشأت في غمرة هذا الجدل مقولة "الدوري ضعيف"، التي روَّجها المستفيدون، وأصبحت غصة في حلوق رؤساء أندية قدموا كل ما يملكون للظفر بمهر "النفس الطويل" إلا أنهم عاشوا في دوامة هذه المقولة وتبعاتها، ويبدو أن كأس الأبطال (الكشاف الجديد) في طريقه مجدداً، لكسر كل التعقيدات السابقة وحل لغز المقولة المتداولة، وتوسيع دائرة المنافسة، بعد أن أصبح هذا الكشاف منفذاً مهماً يعيد صناعة فرق ضلت طريق المنصات، وابتعدت كثيرا عن تقديم مستوياتها الحقيقية، فها هو الأهلي أبرز مكتسبات هذا الكشاف الغالي يقدم شخصيته من جديد، ويتحول من سنوات الضياع إلى أعوام التألق، ويستثمر نتائج إبداعه وحصده كأس الأبطال العام الماضي بالعودة الجميلة هذا الموسم إلى قمة "زين" بسلام، وتقديم مستوى يتناغم مع أسلوبه الجديد الذي أصبح حديث الوسط الرياضي، حتى إننا لم نتعرف على بطل الدوري إلا في آخر دقائق مباراة حسم اللقب بينه وبين الشباب.
على غرار صناعة عودة الأهلي انتقلت آثار هذا التحول الإيجابي وعبر بوابة كأس الأبطال التي يبدو أنها ستكون تاريخية حقاً، إلى النصر الذي فاجأ كل من سخر وشكك في عودة زمنه الجميل بفوز مهم على بطل الدوري في مباراة الذهاب ضمن منافسات كأس الأبطال، ولن أستبق النتائج، فما زال الوقت مبكراً جداً للحكم على تأهل النصر من عدمه، لكن المعطيات الأولية تؤكد عودة روح النصر الغائبة منذ سنوات كثيرة، وتنبئ عن صناعة أخرى تتشكل من جديد.
كل الظروف تسير لمصلحة النصر، وأمامه فرصة تاريخية لا تعوض بالتأهل لنهائي كأس الأبطال، ولا سيما أن طريقه للنهائي في هذه المجموعة في حالة تجاوز الشباب سيكون أسهل فيما لو كان في المجموعة الأخرى، فهل يدعم النصر نظرية هذا الكشاف الجديد الذي تكفل بإعادة كبيرين لساحة المنافسة؟ أم يكون للاحتكار بقية؟

مداد بإيجاز:
بقاء الاتحاد في دائرة الضوء مرهون بأمرين: منح الفرصة الكاملة للأسماء الشابة مع استقطاب ثلاثة أجانب مؤثرين، إضافة للمتألق حسني عبد ربه.
توقع خاص: كأس الأبطال قد تكشف عن بطل جديد!
يبدو أن تراجع الرياضة السعودية بدأ يضرب أطنابه على كل المستويات، فلم يعد التراجع مقتصراً على مستوى الأندية أو المنتخبات أو النجوم أو التنظيم، بل إنه بدأ يأخذ طابعاً مؤسسياً، ولعل تصريحات حافظ المدلج عضو الاتحاد السعودي الأخيرة خير دليل.
"ربما كان من الأفضل أن تكون غير مسؤول ومحقاً، بدلا من أن تكون مسؤولا ومخطئاً".. ونستون تشرشل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي