منفذ البطحاء .. شريان ثلاثي ينتظر الاستثمارات ويتوق للخدمات
يتوقع أن تكتمل مشاريع التوسعة مشاريع التوسعة في منفذ البطحاء الذي يربط بين المملكة والإمارات وعُمان خلال الأشهر المقبلة، بعد رصد أكثر من 300 مليون ريال لتنفيذ هذه التوسعة من أجل مواكبة الحركة التجارية بين البلدان الثلاثة.
وكشف لـ ''الاقتصادية'' ضيف الله بن بدر العتيبي مدير عام جمرك البطحاء أنه سيتم الانتهاء خلال الأشهر المقبلة من تنفيذ معظم مشاريع توسعة منفذ البطحاء الذي يربط بين المملكة من جهة، والإمارات وعُمان من جهة أخرى، ويعد حاليا المنفذ الحيوي لعبور الشاحنات.
وأضاف أن مشاريع التوسعة تشمل توسعة الساحات الجمركية، وإنشاء مظلات، وصالات حديثة للركاب والجوازات، وزيادة أنظمة الفحص بالأشعة، إلى جانب مزيد من التطورات والتوسعات.
وأكد العتيبي أن المشاريع الجديدة من شأنها تسهيل الحركة عبر المعبر واستيعاب أكبر عدد وإنجازه في أوقات زمنية جيدة، وسرعة إنهاء إجراءات الشاحنات التي تدخل المملكة سواء كان دخولا برسم أو عبور ترانزيت، إضافة إلى الكشف عن الممنوعات والمهربات المخبأة في أماكن يصعب اكتشافها، الأمر الذي من شأنه إحداث نقلة نوعية في المنفذ، تقدم صورة راقية لإحدى أهم واجهات المملكة.
ورصدت ''الاقتصادية'' خلال زيارتها للمنفذ، تواصل العمل على قدم وساق في المشاريع التطويرية الجديدة لإنهائها في موعدها المحدد.
يأتي هذا فيما دعا مستثمرون إلى سرعة إنهاء المشاريع التطويرية، مشيرين إلى أن هناك حاجة ماسة لتطوير منفذ البطحاء، بشكل ينهي بطء الإجراءات وتأخير المعاملات وتكدس الشاحنات، مشيرين إلى أن مباني الجمرك والمرافق التابعة له بحاجة إلى إعادة ترميم، والإجراءات بحاجة إلى تطوير، فيما طالب مستثمرون في مجال النقل البري بزيادة المساحات المخصصة لانتظار الشاحنات في الجمرك، والاستثمار في تلك المساحات لتوفير الخدمات الرئيسية للسائقين والشاحنات، ودعوا إلى تطبيق نظام طوارئ في الجمرك، معتبرين أنه من غير المقبول أن يتعطل العمل في المنفذ لأكثر من 48 ساعة بسبب عطل في نظام الحاسب الآلي - كما حدث أخيرا - دون أن يكون هناك نظام عمل بديل.
مطالب واقتراحات
#2#
ودعا عبد الرحمن العطيشان - مستثمر في قطاع النقل البري - إلى تشكيل هيئة تراقب كل المنافذ في المملكة وخاصة في مواسم كالحج والعمرة وغيرهما من المواسم التي تشهد حركة كبيرة في المنافذ.
وقال العطيشان إن منفذا واحدا مع الإمارات لا يكفي نظراً للازدحام الشديد الذي يشهده منفذ البطحاء بشكل يومي على مدار العام، مؤكداً أن التوسعات الحالية لا تتناسب مع المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن هذا الوضع يؤثر في الحركة الاقتصادية بشكل كبير.
وبين العطيشان أن بعض الجهات المسؤولة لا تأخذ برأي المستثمرين السعوديين في التوجهات التطويرية لتلك المنافذ، ودعا إلى أهمية أخذ آراء رجال الأعمال من ذوي الخبرة في هذا المجال للإسهام في تطوير عمل المنافذ الحدودية والاستماع إلى مطالبهم ومقترحاتهم، وطالب العطيشان بزيادة المساحات المخصصة لانتظار الشاحنات في جمرك البطحاء وإتاحة الفرصة للاستثمار في تلك المساحات، متوقعا أن تكون له عوائد كبيرة.
وتابع العطيشان: ساحات وقوف الشاحنات يجب أن تتوافر فيها الخدمات الرئيسية للسائقين والشاحنات وأي خدمات لعابري المنفذ، وهي موجودة في كثير من دول العالم المتقدمة ويتم استغلالها لخدمة الاقتصاد الوطني، وأعرب عن استعداد المستثمرين في قطاع النقل للاستثمار في تطوير الساحات إن لم ترغب الجهات الحكومية المختصة في هذا الأمر.
وفي السياق نفسه، دعا مواطنون سكان المنطقة، إلى إتاحة المجال للاستثمار في تلك المنطقة، عبر توفير الخدمات والاحتياجات التي يحتاج إليها أكثر من ثلاثة ملايين مسافر يجتازون المعبر سنويا، مشيرين إلى أن المعبر لم يستغل بالشكل المطلوب في عملية الاستثمار، رغم أن هناك كثيرا من المستثمرين ينتظرون الفرصة لاستغلال هذه المنطقة والاستثمار وإنعاشها من جميع النواحي بشكل يسهم في النهوض باقتصاد المنطقة وتوفير مزيد من فرص العمل.
ولفتوا في هذا الصدد، إلى ضرورة تطوير ساحل الكويفرة القريب من المنفذ، الواقع على ساحل الخليج العربي ويفتقد كثيرا من الخدمات، وإمكانية استغلاله للترويج للمنطقة سياحيا أيضا، ولا سيما عبر استغلال ما حباه الله إياها من طبيعة جميلة ومناظر رائعة، كما أنه يقع على بعد كيلومترين فقط من المدينة السكنية.
#3#
كما نقلت ''الاقتصادية'' عن عدد من المسافرين وسكان المنطقة مطالبهم بسرعة الانتهاء من الأعمال التطويرية والتحسينية لطريقي البطحاء - سلوى - الهفوف، والبطحاء - حرض؛ لأنهما طريقان دوليان ومهمّان ويعدان من الطرق الحيوية التي يقصدها كثيرون.
وبينوا أنه رغم التطوير الذي شهده طريق البطحاء - سلوى – الهفوف الذي يمتد بطول 300 كيلومتر، وطريق البطحاء - حرض، إلا أن زحف الرمال بين فترة وأخرى مشكلة تؤرق المارين عبر تلك الطرق من مسافرين ومقيمين في المنطقة، إضافة إلى مشكلة انتشار الجمال السائبة، واقترحوا في هذا الصدد إيجاد مشاريع مهمة سواء من خلال التشجير وحجز الرمال على امتداد الطريق أو بطريقة رش الرمال بالزيوت، التي تسهم في منع زحف الرمال.
وفيما أعرب مسافرون عن أملهم في زيادة عدد المسارات الخاصة بالجوازات والجمارك من أجل إنهاء إجراءات أكبر عدد ممكن من المسافرين في توقيت واحد بدلاً من معاناة التأخير، دعا سائقو شاحنات ومستثمرون إلى تطبيق نظام طوارئ في الجمرك، معتبرين أنه من المعيب أن يتعطل العمل في المنفذ - الذي يعد أكبر منفذ بري في العالم - لأكثر من 48 ساعة بسبب عطل في نظام الحاسب الآلي - كما حدث الشهر الماضي - دون أن يكون هناك نظام عمل بديل.
مشاريع تطويرية
#4#
وفي رده على مشكلة تكدس الشاحنات في المنفذ والخطط المستقبلية لحل تلك المشكلة، قال العتيبي: كون منفذ البطحاء هو المنفذ البري الوحيد للإمارات مع العالم الخارجي، فقد أسهم ذلك في تنامي حجم التجارة مع الإمارات، وكذلك مع عُمان، حيث تصل أعداد الشاحنات القادمة إلى 2400 شاحنة ومثلها مغادرة، وذلك بفضل تضافر الجهود وتوفير مصلحة الجمارك أنظمة الفحص بالأشعة والوسائل الحية ''الكلاب البوليسية'' والوسائل الآلية المساندة والكوادر البشرية المدربة، استطعنا الوصول إلى درجةٍ عاليةٍ في مستوى انسيابية وتدفق السلع، وبالتالي فليس هناك أي تكدس، وما هو موجود هو ازدحام شديد، حيث يوميا يتم إنجاز ما متوسطه 2100 شاحنة قادمة إلى المملكة، وذات العدد يغادر من المملكة.
وأوضح العتيبي أن المنفذ دائمًا ما يكون محطة مهمة لكثير من العابرين والمسافرين طوال أيام السنة، خصوصًا المواسم التي تمرُّ على البلاد، ومنها موسم الحج والإجازات وكذلك مناسبات الأعياد والعطلات الأسبوعية، حيث يبلغ عدد عابري المنفذ سنويًّا ما يقارب 3920310 مسافرين، وبالنسبة لإحصائية الحجاج لعام 1432هـ، بلغ عدد الحجاج 23172 حاجا وبلغ إجمالي السيارات السياحية 724172 سيارة، وبلغ إجمالي الشاحنات القادمة والمغادرة 1949349 شاحنة، منها 1025715 شاحنة قادمة، و923634 شاحنة عابرة.
تشجيع الصادرات وحماية المنتجات
#5#
يقول العتيبي: الجمرك يعمل على مراقبة جميع أنواع البضائع، سواء الداخلة للمملكة أو المغادرة، وسواء كانت سلعا محلية أو خليجية أو أجنبية، حيث يستمر العمل في الجمرك لترسيم وفسح جميع الإرساليات طيلة أيام الأسبوع بما في ذلك الخميس والجمعة، كما أنه يستمر الفسح على مدار أيام الأسبوع دون توقف سواءً الواردة منها أو الصادرة، فهي تفسح في يوم ورودها نفسه دون تأخير لما هو مكتمل البيانات والمستندات اللازمة، ويتم ذلك لتسهيل انسياب حركة السلع بين دول الخليج وتشجيع الصادرات السعودية.
وبين أن المنفذ يستفيد منه عديد من دول العالم، حيث إن معظم الإرساليات عابرة ترانزيت أراضي المملكة لعدة دول في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا وآسيا وحتى إلى أوروبا، كما أن الإرساليات الواردة والعابرة مصنعة في دول العالم المختلفة.
وعن الإجراءات التي تتخذ لمنع دخول البضائع المقلدة والمغشوشة قال العتيبي: اتخذ عديد من الإجراءات لمنع دخول البضائع المغشوشة والمقلدة التي تندرج تحت تطبيق الجمارك السعودية نظام إدارة المخاطر على الإرساليات المستوردة والمصدرة والعابرة، في حين يعتمد ذلك النظام على تحليل المعلومات والسجلات التاريخية للإرساليات السابقة، مما يمكن من توقع وضع الإرساليات المستقبلية للتأكد منها في ضوء المعلومات التاريخية، وبالتالي فإن الجمارك السعودية لديها قائمة للمؤسسات والشركات التي تستورد هذه السلع، وكذلك قوائم بالمؤسسات والشركات المصدرة، حيث يتم تدقيق إرساليات المؤسسات والشركات المدرجة في هذه القوائم لمنع محاولة إدخال هذه البضائع، إضافة إلى أن الجمرك لديه وحدة ادارية تُعنى بما يخص الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية، يعمل فيها فريق من الكوادر المدربة على كشف ومعرفة الفرق بين الأصلي والمقلد أو المغشوش، كما أن لديهم قوائم بالعلامات التجارية المشهورة والنشرات الخاصة بمعرفة الفرق بين المقلد والأصلي صادرة من الشركات المنتجة وشركات الحماية.
وأشار العتيبي إلى أنه عند إجراء المعاينة يتأكد المراقب الجمركي من دلالة المنشأ على المنتج الوارد حسب المستندات المقدمة (الفواتير، شهادة المنشأ)، كما يتحقق من مواصفاتها، ويتحرى الدقة في أن تكون أصلية، أما في حالة الاشتباه لوجود ملاحظات عن اختلاف اللون أو رداءة الصنع أو تغيير أو تعديل في الاسم أو العلامة التجارية، وذلك مثل أخذ شكل منتج أصلي وهي تحمل علامات وأسماء شركات مشهورة، يقوم المراقب الجمركي بسحب عينات ترسل للمختبرات العامة أو الخاصة أو الشركات الاستشارية حسب الحالة، ويتم حجز الإرسالية لحين ظهور نتيجة الفحص من الجهة المختصة أو تفسح بتعهد خطي بعدم التصرف لحين إبلاغ المستورد ويتم تخزينها في مستودع التاجر حسب نظام الجمارك الموحد.
وأوضح العتيبي أن الجمارك السعودية تقوم بالتعاون والتنسيق مع وزارة التجارة من خلال تبادل المعلومات الخاصة بالشركات والمؤسسات التي يتكرر منها ارتكاب مخالفات الغش التجاري والتقليد، وتم توقيف نشاطاتها وشطب السجلات التجارية الخاصة بها، كما تتعاون المملكة مع دول مجلس التعاون فيما يخص الجهات المصدرة للمملكة، ونتج عن ذلك شطب بعض المؤسسات والشركات في الدول المجاورة مما ثبت عليها تصدير البضائع المغشوشة والمقلدة، وقد أسفرت تلك الجهود عن ضبط عدد كبير من حالات الغش التجاري والتقليد خلال عام 1431هـ، إذ بلغ عدد المحاضر المعدة في جمرك البطحاء 172 محضرا، والكمية نحو 500 ألف وحدة.
مكافحة التهريب
وعن كفاءة أنظمة الفحص بالأشعة التي استحدثت أخيراً في نظام الجمارك السعودية، قال العتيبي: أنظمة الفحص بالأشعة السينية ساعدت كثيراً على سرعة إنهاء إجراءات الإرساليات، وتسهيل حركة عبور البضائع ووسائط النقل، وساعدت على اكتشاف الممنوعات والمهربات المخبأة في أماكن يصعب اكتشافها، فلدينا أربعة أنظمة فحص بالأشعة السينية في جمرك البطحاء، والعمل جار حالياً في إنشاء ثلاثة أنظمة إضافية أوشكت على الانتهاء؛ مما سيساعد على سرعة إنهاء إجراءات الشاحنات التي تدخل للمملكة سواء كان دخولا برسم أو عبور ترانزيت.
وبين أن الجمرك مزود كذلك بجميع الوسائل الرقابية المساندة من أنظمة فحص بالأشعة السينية للكشف على الشاحنات والحاويات، وأجهزة آلية مساندة أخرى كالمناظير وأجهزة قياس الكثافة والأبعاد والإشعاع وما إلى ذلك، وكذلك الوسائل الحية ''الكلاب البوليسية''.
وإضافة إلى تزويد الجمرك بالوسائل المساندة من أنظمة فحص بالأشعة السينية وأجهزة حديثة وكلاب مدرَّبة، لم تغفل الجمارك أهمية التدريب - بحسب العتيبي - الذي أوضح أنه يتم تدريب موظفي الجمرك في الداخل والخارج لرفع مهاراتهم، كما تمّ إنشاء معهد للتدريب الجمركي في مصلحة الجمارك خاص بتدريب موظفي الجمارك لعقد دورات تدريبية للموظفين يحاضر فيها محاضرون على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة في مجال التدريب الجمركي، ويعقد المعهد دوراته في مقره بالرياض وكذلك في فروع الجمارك في المنافذ البرية والجوية والبحرية حسب مجال الدورة التي من شأنها تنمية قدرات الموظفين وتوسيع إدراك المتدرّب ورسم خط سير واضح بين الناحيتين العلمية والعملية في آن واحد، والربط بينهما لإعطاء نتيجة إيجابية بنسبة عالية للحدّ من عمليات التهريب وإحباط وضبط المخالفين، وقد نفذ المعهد الجمركي في العام الماضي 86 دورة تدريبية، شارك فيها 1844 موظفًا، كما أن الجمارك تولي اهتمامًا بالغًا للابتعاث الخارجي، حيث أوفدت عديدا من المبتعثين في مجالات متعددة.
وبين أن دعم المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية بالأشعة السينية وتدريب الموظفين والمختصين للعمل عليها أسهم في الحد من التهريب بكافة أنواعه سواء المخدرات أو المسكرات أو غيرها، حيث لوحظ انخفاض في محاولات التهريب، مشيرا إلى أن عدد الضبطيات التي سجلت في منفذ البطحاء بلغت 3908 حالات ضبط.
كما بين أن إجمالي ما تم ضبطه في جمرك البطحاء خلال الأعوام الأربعة الأخيرة من الخمور أكثر من 320 ألف زجاجة خمر، ونحو مليون و600 ألف حبة مخدرة (كبتاجون)، و31 كيلوجرام حشيش، إضافة إلى عديد من مضبوطات المواد الممنوعة والمقيدة ''كالذخائر والمتفجرات والأسلحة والأوراق والعملات المزورة والمواد المنافية للآداب''.
تعاون مع أرامكو
وأكد العتيبي أن تعاون ''الجمارك'' و''أرامكو'' ساعد في كشف حالات تهريب المشتقات النفطية على وجه الخصوص، مبينا أن إدارة الجمارك كانت أول من تنبّه لظاهرة تهريب المشتقات النفطية المدعومة من الدولة، وقامت بإحباط عديد من حالات التهريب وضبطها ومحاكمة أصحابها في اللجان الجمركية، كما أن ''أرامكو'' كانت من أولى الجهات التي تعاونت مع الجمارك في تحليل المشتقات النفطية في مختبراتها، حيث يصعب على موظفي الجمارك كشف ذلك نظرًا لخلط تلك المشتقات مع بعضها والتصريح عنها بتسميات مخالفة لما هو مصدَّر فعليًّا، وكانت المختبرات في مقر ''أرامكو'' بالظهران تؤخر وصول نتائج التحليل، الأمر الذي اضطر الجمارك إلى أن تطلب من وزارة البترول والثروة المعدنية و''أرامكو السعودية'' تحويل المختبر إلى المنفذ لبُعد المختبرات التي يتم التحليل فيها عنه، وتم التجاوب السريع من وزارة البترول و''أرامكو''، الأمر الذي قلص إلى درجة كبيرة - مع وجود المختبر - من ظاهرة تهريب الديزل حتى أصبحت شبه معدومة، علماً بأن الجمارك تستعين بمختبرات خاصة إضافة إلى مختبر ''أرامكو''.