سؤال في سعر النفط

صرح إبراهيم العساف وزير المالية أن 100 دولار للبرميل سعر عادل، وأن السعودية لا تفضل الأسعار شديدة الارتفاع. كان ذلك على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في ''دافوس''، معزياً ذلك إلى أن ارتفاع الأسعار الحاد يدفع الدول المستهلكة إلى استخدام مخزوناتها الاستراتيجية. تصريح وزير المالية قام في أساسه على أن النفط سلعة كأي سلعة قد تختلف في الأهمية النسبية لكنها في كل الأحوال تخضع لمبادئ ونظريات الاقتصاد وقوانين العرض والطلب، ولو كان قد صدر هذا الحديث عن وزير البترول أو خبير نفطي لما تشجعت على مناقشة الموضوع الذي كنت أتردد دائماً في الخوض فيه كوني لست متخصصاً أو عالماً به، وكما هو معلوم أن من أبجديات العرض والطلب تلك العلاقة العكسية التي تحكمهما وعلاقة ذلك بالتأثير سلباً أو إيجاباً في مستوى الأسعار، ففي حالة زيادة الطلب يقل المعروض، ما يدفع بالأسعار ارتفاعاً، وكذلك العكس عندما ينخفض الطلب أو يزيد المعروض شأنه أن يدفع بالأسعار نحو الانخفاض، هذا في ظل استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية وبتحييد الخطوات التي أحرزت في مجال البحث عن بدائل للطاقة، وأي عوامل أخرى قد تؤثر في الطلب العالمي على النفط.
تضافرت جهود الدول العظمى المستهلكة وقامت بالدراسات والأبحاث نحو تطوير بدائل مناسبة، وذلك منذ اليوم الأول لاكتشاف النفط عام 1925، وحققت نجاحات باهرة على صعيد الطاقة النووية والشمسية والكهربائية والمائية والهوائية والفحم الحجري ...إلخ، لكن في حقيقة الأمر أنها لم تصل حتى الآن إلى بديل مقنع يتمتع بالكفاءة والقدرة والتكلفة المناسبة، وإلا كان الاستغناء عن النفط أمراً حتمياً، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار، لذلك يجب على الدول المنتجة أن تعمل على أكبر استفادة من معطيات الظرف الراهن في الحصول على أعلى عائد لبرميل النفط قبل أن تفوت الفرصة ويصبح لا قيمة له. أما التخوف من لجوء بعض الدول إلى مخزوناتها الاستراتيجية، كما آتي على ذكره بداية المقال، فسؤالي لمعالي الوزير ما كمية ذلك المخزون لدى تلك الدول؟ وهل تلك الدول على استعداد لأن تبقى دون احتياطي من النفط؟ ثم ما تأثير ذلك في مستويات أسعار النفط بعد نفاد الكمية؟!
بصيغة أخرى، إنه في حال لجأت بعض الدول إلى هذه السياسة فقد يمكنها أن تستمر على هذا الوضع شهرا أو شهرين، ثلاثة على الأكثر، وهو ما ينعكس على سعر البرميل سلباً، لكن ما تلبث أن تعود بقوة للارتفاع بعد نفاد كمية المخزون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي