المرأة السامّة!
في إحدى ليالي عام 1994 أدخلت سيدة إلى مستشفى ريفيرسيد في كاليفورنيا؛ كانت تعاني ضيقاً في النفس وآلاماً في جميع جسدها من مضاعفات إصابتها بالسرطان، وعندما بدأوا في إسعافها حدث ما لم يكن في الحسبان، ليس للمريضة، ولكن لكامل الفريق الطبي المشرف على حالتها، إذ أخذوا يتساقطون الواحد تلو الآخر.. فما الذي حدث؟!
منذ البداية وعند إنزالها من سيارة الإسعاف لاحظوا أن جسدها كان مغطى بطبقة زيتية رقيقة ولامعة، وبعد إعطائها الأدوية اللازمة والأكسجين، وعند أخذ عيّنة من دمها كان يحتوي على كتل غريبة وتنبعث منها رائحة قوية تشبه الأمونيا أو الثوم؛ اعتقدوا أنها تنبعث من فمها. وعندما همّت الممرضة بنقل العيّنة وقعت مغشياً عليها، وحاولت الدكتورة المشرفة على الطاقم مساعدتها فسقطت هي الأخرى، وهكذا حصل لجميع أفراد الطاقم ما عدا الطبيب هامبرتو الذي لم يتأثر. واضطر المستشفى إلى إعلان حالة الطوارئ وتهوية المكان وإخلائه ما عدا عدداً قليلاً من الفريق الطبي للعناية بالمريضة، الغريب أن ما أصاب الفريق الطبي ليس مجرد إغماء فقط، بل إن الدكتورة المشرفة "جورشينسكي" عانت تشنجات عضلية وصعوبة في التنفس وأدخلت العناية لمدة أسبوع وبقيت حالتها الصحية غير مستقرة حتى بعد خروجها، حيث لم تعد تستطيع المشي إلا بعكازين وتلفت عظامها وخصوصا الركبتين! أما بقية الطاقم فقد عانوا انقطاع النفس المستمر أثناء النوم، والعجيب أن مريضتنا ماتت خلال فترة قصيرة من قدومها. وقيل إن السبب هو الفشل الكلوي الذي تسبّب فيه مرضها، وبتحليل وتشريح جثتها لم يجدوا أي مواد غريبة؟!
إذاً ما السر في انبعاث هذه الرائحة المميتة التي حيّرت الجميع؟
لقد سارعت الجهات الرسمية في البحث والتقصّي عن هذه الحالة ووضعت فرضيات عدة، منها أن ما حدث كان بسبب (هيستيريا جماعية)، خصوصاً أن أغلب مَن تأثروا بهذه الرائحة من النساء، ولكن الهيستيريا الجماعية تعتبر تأثيراً نفسياً وما حدث للفريق الطبي ولكل مَن لامس المريضة أو كان في محيطها عانوا أمراضاً عضوية وتغيرات فسيولوجية!
والفرضية الأخرى هي أن المستشفى حصل فيه تلوّث كيميائي، وقيل في إحدى الروايات إنهم قاموا بخلط البول ـــ أعزكم الله ــــ بالمواد المبيضة لكي تنبعث منه الغازات، ويرجعون السبب له بدل أن تتهم المستشفى بأن مجموعة الأدوية التي أعطيت للمريضة هي التي تسبّبت في ذلك.
وظل الأمر لغزاً محيراً إلى أن ظهر تقرير المختبر الوطني للعلوم livemore وهو الأقرب لما حدث، حيث وجدوا أن المريضة استخدمت كريماً يحتوي على مادة تسمى DMSO لتخفيف الألم والذي له رائحة تشبه الثوم، ونتيجة لتوقف الكلى عن العمل تجمعت هذه المادة في الجسم وعندما أعطوا المريضة الأكسجين تأكسدت هذه المادة وتحولت إلى DMSO2 وهي سبب تكتل دم المريضة وبعدها تحول إلى DMSO4 بسبب الصدمات الكهربائية التي أعطيت للمريضة وهو غاز شديد السميّة أي أن جسم المريضة تحول إلى أنبوبة اختبار جرت فيه تفاعلات عدة أنتجت غازاً شديد السمية، والأغرب أن هذه الحادثة أسهمت في تطوير صناعة الغازات السامّة!