احذروا ملصقات سداد المديونيات المضللة

انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الممارسات المصرفية والمالية الخاطئة التي تتنافى تماماً مع الأنظمة المصرفية والمالية المرعية في البلاد، والتي يقوم بمزاولتها وللأسف الشديد، إما أفراد طبيعيون أو مؤسسات لا تمتلك التراخيص القانونية والنظامية اللازمة للممارسة تلك الأعمال.
من بين تلك الممارسات الخاطئة التي تتنافى صراحة مع نظام مراقبة البنوك الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/5 وتاريخ 22/2/1386هـ، انتشار أشخاص أو سماسرة لأشخاص يعملون بشكل غير نظامي وغير مرخص، يقومون عن طريق استخدام الملصقات والإعلانات التجارية، بالترويج لسداد المديونيات المتعثرة على عملاء البنوك، وإيهامهم بمنحهم قروضا إما شخصية أو لتمويل المشروعات بشروط أفضل مما تمنحه البنوك التجارية العاملة في المملكة.
على الرغم من مخالفة هؤلاء السماسرة الصريحة للمادة الثانية من نظام مراقبة البنوك المشار إليه أعلاه، والتي تحظر على أي شخص طبيعي أو اعتباري غير مرخص له طبقاً لأحكام هذا النظام أن يزاول في المملكة أي عمل من الأعمال المصرفية بصفة أساسية، إلا أنه وكما أسلفت بدأت في الآونة الأخيرة انتشار مثل تلك الملصقات والإعلانات بشكل كبير، ما تسبب في وقوع عدد لا بأس به من أفراد المجتمع سواء من عملاء البنوك أو غيرهم في مشاكل مالية لا حصر لها، لا سيما أن معظم تلك الممارسات وفقما ورد في تقرير نشرته صحيفة ''اليوم'' في العدد 14155هـ، تنطوي على أنشطة مشبوهة بشكل معلن في الشوارع والميادين العامة، بهدف استغلال واضح لحاجة المواطنين والمقيمين للسيولة، أو بسبب جهل البعض بالأساليب الملتوية وعمليات الاحتيال المالي والمصرفي.
كلمة ''الاقتصادية'' في العدد 6125 بعنوان: ''سداد مديونيات العملاء.. نشاط ترفضه البنوك''، أوضحت أنه سبق لمؤسسة النقد العربي السعودي أن حذرت من الانسياق خلف تلك الإعلانات أو التعامل مع أولئك الأشخاص المجهولين المقدمين لهذه الخدمات لعدم وجود نشاط مرخص به ليكون غطاء قانونياً لهذا النشاط.
وزارة الثقافة والإعلام سبق أن عممت على جميع الصحف والمجلات والملاحق بعدم نشر الإعلانات عن سداد المديونيات تحت أي ذريعة، كونها في نهاية الأمر بشكل أو بآخر تضفي نوعا من المشروعية غير القانونية وغير النظامية على تلك الإعلانات، وبالذات أنها تنشر في صحف محلية ذات سمعة صحفية مرموقة ليس على المستوى المحلي فحسب لكن حتى على المستوى العربي والدولي، وبالتالي من يقرأ الإعلان في الصحيفة أو في المجلة، يعتقد أنه صادر عن جهة نظامية مشروعة كونه منشوراً في صحيفة نظامية.
البنوك السعودية في أكثر من حملة توعية مصرفية أطلقتها خلال الأعوام الماضية، حذرت من خلال إرسال رسائل توعية واضحة وصريحة لعملائها من مغبة الانسياق وراء تلك الإعلانات والملاصقات المضللة، كونها تنطوي على شتى أنواع ووسائل الاحتيال المالي والمصرفي، وتستهدف في المقام الأول سرقة أموال عملاء البنوك الضحايا، وليس ذلك فحسب، بل أيضاً هي محاولة لسرقة بياناتهم ومعلوماتهم البنكية، بما في ذلك أرقامهم السرية بهدف القيام بتنفيذ عمليات مصرفية غير مشروعة وغير نظامية على حساباتهم المصرفية. فضلا عما ذكر، البنوك السعودية تقوم باستمرار بإزالة تلك الملصقات من على أجهزة الصراف الآلي، كونها تمثل بالنسبة لأصحاب الملصقات المضللة مكانا للدعاية المجانية تستهدف العملاء المدينين للبنوك.
كلمة ''الاقتصادية'' المذكورة أكدت أن البنوك السعودية محل اهتمامها التحذير من تلك الملصقات والدعايات، بوصفها غير معترف بها نظامياً ولا قانونياً، ولا يتوجب على عملاء البنوك الاستجابة لها أو التعامل معها تحت أي أسباب أو اعتبارات، وبالذات وأن العميل المدين يستطيع سداد دينه بالاتفاق مع البنك على ذلك ليحصل على قرض جديد ودون الحاجة إلى الإفصاح عن معلوماته السرية لأي شخص كان حتى إن كان من موظفي البنك وبالذات عبر القنوات غير النظامية.
المادة الثالثة والعشرون من نظام مراقبة البنوك، حددت على سبيل المثال العقوبات التي تطبق في حق من يخالف مواد وفقرات نظام مراقبة البنوك، والتي أوضحت الأشخاص المرخص لهم بممارسة الأعمال المصرفية، حيث على سبيل المثال، حددت المادة الثالثة والعشرون المذكورة أن القانون يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف ريال سعودي عن كل يوم تستمر فيه المخالفة أو بإحدى هاتين العقوبتين للمادة الخامسة من نظام مراقبة البنوك، والتي تحظر على أي شخص غير مرخص له بمزاولة الأعمال المصرفية في المملكة بصفة أساسية أن يستعمل كلمة (بنك) ومرادفتها أو أي تعبير يماثلها في أي لغة سواء في أوراقه أو مطبوعاته أو عنوانه التجاري أو اسمه أو في دعايته.
خلاصة القول، إن انتشار ظاهرة الإعلانات المضللة بسداد مديونيات العملاء المتعثرين لدى البنوك، دون أدنى شك تعد مخالفة صريحة وصارخة لقانون مراقبة البنوك في المملكة، كونها تنطوي على شتى أنواع الاحتيال المالي والنصب المصرفي، بل إنها في معظم الأحيان تستخدم كوسيلة فاعلة في تنفيذ عمليات غسل أموال أو ما يعرف بتبييض الأموال.
إن مكافحة مثل هذه الظاهرة المالية والمصرفية غير المشروعة، تتطلب أن يكون المدين على مستوى من الوعي المصرفي الكافي والمدرك لمغبة الوقوع في مثل تلك العمليات، لا سيما أنها تستهدف بنهاية المطاف الاحتيال على عملاء البنوك بأساليب ملتوية تسلبهم أموالهم ومدخراتهم الشخصية، والحصول على معلوماتهم وبياناتهم البنكية والشخصية لاستخدامها في تنفيذ عمليات مصرفية غير نظامية وغير مشروعة على حساباتهم المصرفية، ومن هذا المنطلق يظل حرص العميل على بياناته البنكية هو خط الدفاع الأول وطوق النجاة ضد عمليات الاحتيال المالي والمصرفي وعدم الوقوع ضحية أولئك الأشرار من ضعاف النفوس من البشر من المحتالين والنصابين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي