87 % أم 95 %؟
اختلفت الروايات بين صحيفتين سعوديتين في معدل انضباط الرحلات، الأولى تؤكد على لسان رئيس الهيئة العامة للطيران المدني رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط السعودية الأمير فهد بن عبد الله أن النسبة بلغت 87 في المائة، بينما الصحيفة الأخرى تؤكد على لسان المسؤول نفسه أنها 95 في المائة.
إن أي تطور وتقدم ونمو يقاس بالنسبة المئوية كذلك العكس، وفي الأوضاع المستقرة والأحوال العادية الطبيعية يكون التغير (موجب/ سالب) في هذه النسب خلال السنة بسيطا قد يصل إلى جزء من مائة من الواحد ولا يزيد على 3 في المائة، فكيف يكون هذا التباين والاختلاف الكبير (8 في المائة) بين الصحيفتين للموضوع نفسه والمصدر ذاته وفي الوقت نفسه وعن فترة زمنية واحدة.
قد يقول قائل هذه ليست مشكلة، خطأ من مراسل صحيفة ويحصل في أحسن العائلات، القضية يا سادة لها أبعاد أخرى، فالمشكلة ليست خطأ هنا أو هناك، المشكلة تكمن في السلوك الذي يتمثل في عدم الدقة والاهتمام واللامبالاة وهو أمر خطير ينعكس على كافة جوانب الحياة ويؤثر سلباً فيها، المجتمعات الغربية المتقدمة تتصارع وتتنافس من أجل جزء من مائة من 1 في المائة ونحن نوزع (8 في المائة) كهبات، القطاعات العامة والخاصة والأجهزة الحكومية والجامعات تُنفق الكثير من ميزانياتها حتى ترفع معدلات إنتاجياتها ونسب نموها فتحسن بذلك مواقعها وترتيبها أمام المنافسين.
وقد يقول آخر: إن اختلاف النسب يعطي الحق لمن تسول له نفسه بأن يقدر نسبة ثالثة لمعدل انضباط الرحلات ـــ ولتكن 60 في المائة ـــ من واقع التجربة وبالتأكيد سيلقى هذا الرأي الكثير من التأييد.
أحياناً يكون الخبر صحيحاً ولكن "المانشت" لا يصف أو يعبر بدقة عن الحدث بل ومستفز بدرجة عالية لكنه من وجهة نظرهم يُعد وسيلة جذب للقارئ.
على سبيل المثال ما نشرته صحيفة سعودية قبل فترة (نائب وزير الخارجية يكرم البنك الأهلي لرعايته موسوعة المملكة) فما علاقة نائب وزير الخارجية بذلك؟ في تفاصيل الخبر أن هذا التكريم من الأمير عبد العزيز بن عبد الله كونه عضو مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة وليس بصفته نائباً لوزير الخارجية.
وفي حادثة قديمة، نشرت الصحيفة نفسها "مانشت" يقول (لندن: تهمتا القتل والأذى تلاحقان سعودياً قتل مواطنه) كيف يقتل سعودي مواطنه؟! ماذا تفهم من هذه الجملة.. هل أن سعودياً قتل مواطناً سعودياً آخر أم أن سعودياً قتل خادمة (مواطنه)؟، ثم يرد في ثنايا الخبر أن اسم (المجني عليه) بندر عبد الله ولم تأت الصحيفة على ذكر اسم (الجاني)!
وأخيراً أتمنى أن ينبري باحثون متخصصون لإجراء دراسة من شأنها أن تحدد مدى مصداقية الصحافة السعودية ومهنيتها ونسبة الوثوق بصحة ودقة الأخبار الواردة بها، وهل تقع ضمن النسب العالمية المقبولة؟