«أغلق جوالك»!
العنوان أعلاه .. ليس كلمة عابرة كتلك التي تتردد على أذهان الجميع في كل اجتماع، وليس من قبيل التدخل في حرية الأشخاص الفردية، لكنه في المقام الذي سأتحدث عنه يستحق أن أضمِّن كل حرف فيه ضمن دائرة الأمثال العربية التي تصدر ممن يتوافر لديهم ثراء الفكر، بل أستطيع أن أصنفها في مرتبة الردود التي تتسم بـ ''ما قل ودل''، فمن تجاوز الحد وابتعد عن تقديم العطاء الحقيقي والمردود المتوقع منه في أي عمل كان فلن تملك إلا إيقافه بهذه النوعية من الأمثال الواقعية، وأمام هؤلاء المتجاوزين وفي هذه الحالة تحديدا لن تتردد في أن تعيد على أسماعهم سيناريو المثل الشهير ''بلغ السيل الزبى''، فربما أسهم ذلك في تحويل مسار التصرفات غير المنطقية إلى الحد المعقول والطبيعي.
هذا المثل السائر استعانت به جماهير هلالية بعد لقاء الهلال والاتفاق على نهائي كأس ولي العهد الذي توج فيه الأزرق بطلا للمرة الخامسة على التوالي ضد أحمد الفريدي، واستبدلته بـ ''أغلق جوالك'' إلى نهاية الموسم كمثل مترادف يحمل المضمون ذاته وإن اختلفت الأحرف، وفكر متجدد يغرّد في سماء ''تويتر''، موجهاً ثقافته الجديدة إلى رئيس الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد، فالفريدي - في نظرهم- لا يزال مشغولاً بترسبات تغيبه عن إحدى المواجهات المهمة في الدوري، وربما قرأ رسالة الإدارة الهلالية الحازمة التي ركنته بديلا للشاب الحيوي سالم الدوسري قراءة خاطئة كادت أن توقع الفريق في مأزق خطير في المباراة النهائية، بسبب حالة الهدوء والتراخي غير المبررة من اللاعب في الهجمات التي تتطلب السرعة والحسم والحيوية.
هنا لا تستطيع في هذا المقام إلا أن تحيي هذا الفكر الراقي الذي رسم معالم استراتيجية الهلال الشاب وأوصله إلى معانقة البطولات، بطولة تلو بطولة، وإنجازا يتبعه إنجاز، فلا الإدارة الهلالية وقفت متساهلة مع الفريدي أو خشيت اهتزاز الفريق رغم الظروف الحرجة التي مرت بالأزرق كغياب الأجانب واهتزاز الفريق مع المدرب دول، ولا الجماهير كذلك غضت الطرف عن ممارسة النقد المشروع وتمرير رسائل في الصميم حتى والهدف المطلوب وهو البطولة تحقق ويتحقق وسيتحقق لا محالة في ظل انسجام هذه السلسلة الفكرية المشتركة.
إن الاستراتيجية الطموحة والمأمولة من أي فريق يفترض ألا تعتمد على رئيس أو إداري أو لاعب مهما بلغ حجم التأثير ومقدار التأثر، وهذا ما سار عليه الهلال منذ تأسيسه فقد لبست أجيال أجيالاً أخرى، ومع ذلك ظل هلال مبارك عبد الكريم كأزرق النعيمة، أما أمواج الثنيان وسامي ونواف فلم تختلف عن شلالات الدعيع وهوساوي والدوسري، وأصبح هذا التوافق الفكري والعمل المؤسسي كلمة السر التي تنتظم شخصية الهلال البطل وهو يحلِّق في سماء البطولات بجميع مسمياتها.
هذا ما لدى الهلال .. لكن في المقابل ماذا عن الفرق التي اعتمدت على الرموز والأساطير والنجوم الراحلين سواء كانوا رؤساء أو لاعبين كما هو حال الأصفرين؟
لن أحتاج إلى مزيد تفكير في تحليل هذا السؤال، لأن الفشل أصبح سيد الموقف، فالإدارات المتعاقبة على هذين الفريقين ظلت تسير بعشوائية وارتجالية ودون فكر أو هدف محدد، وبالتأكيد فإن ثقافة ''أغلق جوالك'' لن تكون مفعّلة عند الأصفرين ما دامت سوق الرجيع مزدهرة، لذا كان من الطبيعي أن تحول الجماهير الموجة وتعلّل نفسها بذكريات الماضي المشرق، لأن الحاضر أو المستقبل لا يمكن الاتصال به أو الوصول إليه!