عزيزي النصراوي: ابتسم!
''أن تكون محسوداً خير من أن تكون موضع شفقة''.. لا أظن أن هناك مثلاً يمكن أن يقفز ويترسخ في أذهان جماهير النصر وذاكرتهم هذه الأيام، بل هذا الموسم، وربما خلال عقد مضى كهذا المثل الواقعي، فزمن النصر الجميل الذي كانوا يُحسدون عليه في عصور الانتصار والازدهار والمتعة الكروية ولّى إلى غير رجعة، في المقابل تم استبداله بزمن الحسرة والشفقة الذي أصبح ملازماً لهم في كل مسابقة، وخلال كل لقاء.. وبين لحظات الفرح والحزن، والنجوم وأشباه النجوم، والحنكة الإدارية والتخبط الإداري حضور وغياب لا يدركه إلا المشجع الكبير في السابق والجيل المشفق عليه حالياً.
وبما أن الوسط الرياضي لا يلتفت إلى الأمس ويتطلع دائماً إلى اليوم والغد، فإن الوجه السلبي الآخر للمثل المتباين أصبح جزءاً لا يتجزأ من واقع أنصار النصر الذين قدموا كل أنواع الوفاء والدعم والعشق الذي ربما وصل إلى درجة الجنون الكروي، ومع ذلك فهم لا يملكون إلا أن يتعايشوا مع هذه الثقافة الانهزامية التي التصقت بهم دون إرادتهم، بل نتاج عمل إدارتهم!
هذا النتاج الإداري السيئ لن يصبح بالتأكيد موضع شفقة هو الآخر، وإنما موضع تندر من الجميع، لأن الكرة في مرماه ولم يبادر الفرصة أو يحسن التعامل معها كما ينبغي، ومن يتأمل تصريحات الأجهزة الإدارية والفنية بعد مباراتي الهلال والاتفاق الماضيتين فسيفاجأ عندما أعلنت عجزها وفشلها في تهيئة الفريق نفسياً! وكأن المعني بالتهيئة جهة حكومية أو إحدى شركات القطاع الخاص! أما من سمع المدرب الكولومبي ماتورانا الذي وقع عقداً لمدة عامين ونصف عام خلال مؤتمره الصحافي أمس الأول عندما أجاب بأنه لا يعلم شيئاً عن قرار إبعاد بعض اللاعبين أمثال عنتر والقرني وهوساوي فسيعيد النظر في مقدرته التدريبية، وسيدرك مدى السطوة الإدارية التي أصبحت تحرك النادي نحو غياهب الرجيع.
إذن هل هناك فشل يضاهي هذا الفشل؟ وأي استغفال للجماهير يمكن أن يوازي هذا الاستغفال؟ وبمن ستثق الجماهير النصراوية إذا كانت أبجديات العمل الإداري والفني والنفسي غير متوافرة في الفريق؟ وأين الرئيس من كل هذا؟ أليس هو المسؤول عن إيقاف هذه الثقافة المشفق عليها؟
قد يقول قائل إن رئيس النصر استجاب للنداءات المتكررة التي تطالب بتعديل وضع الفريق فأحضر الجهاز الإداري الجديد، وتعاقد مع جهاز فني بديل، وسرّح جميع الأجانب، واستقطب لاعبين من الأندية الأخرى.. فماذا بقي لم يتغير؟
الإجابة المنطقية عن هذا التساؤل المشروع تتمحور في أن هناك أمرين مهمين ومؤثرين ظلا على حالهما ولم يتغيرا وهما: الفكر والجماهير..
الفكر النصراوي ما زال جامداً لا يملك حس الاختيار والاستقطاب والتدخل الفني المنطقي، لذا كان من الطبيعي أن يعلن النصر راية الاستسلام مبكراً ويفقد السيطرة في المنافسات، أما الجماهير فقد ''كفت ووفت''، وقامت بدورها على أكمل وجه، وعليها أن (تبتسم) الآن ما دامت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، لأن مستقبل النصر مع هذا الفكر سيكون كارثياً بالتأكيد، وصدق من قال: ''ابتسم الآن فغداً سيكون أسوأ''!