الاتفاق .. يا شركاتنا العزيزة!

عندما يتم التفكير في تأسيس أي مشروع استثماري فلا بد أن يخضع إلى دراسة مكثفة وشاملة تبين الجدوى الاقتصادية والمخرجات والفوائد المتوقعة من إنشائه، ولا يمكن تقديم شركة أو مؤسسة للمستفيدين من دون أن تمر بمثل هذه الدراسات المتكاملة ذات النظرة المستقبلية التي تؤكد جودة هذا المشروع أو سلامة ذلك المنتج، بغرض إجازته وتمريره لأذواق المستهلكين.
في المجال الرياضي، وتحديدا في كرة القدم، ما زالت الشركات والمؤسسات تقدم رجلا وتؤخر الأخرى في الدخول للاستثمار في أندية دوري زين باستثناء شركات قطاع الاتصالات التي تستثمر وعلى استحياء في أربعة أندية فقط، ويبدو لي أن نادي الاتفاق وعبر ما يقدمه من مستويات فنية رائعة وثابتة خلال هذا العام والذي قبله في طريقه لإجبار الشركات بمختلف نشاطاتها على اقتحام هذا المجال الكروي المربح، للترويج لمنتج فارس الدهناء الذي فرض نفسه بقوة في الساحة الرياضية والإعلامية، وكسر الجمود والتردد التسويقي الذي تسير عليه معظم الشركات، فالمؤشرات توضح أن فرقة الكوماندز أصبحت على بعد خطوات يسيرة من الشركات الراعية، وحانت لحظة قطاف الرعاية الحصرية والشراكة الاستراتيجية للفريق.
أما لماذا حانت هذه اللحظة السعيدة لعشاق إتي الشرقية؟ فلأن العمل الاتفاقي لم يأت من فراغ، بل سار بناء على نظرية ''الجود من الفكر والموجود'' التي تعد من ابتكارات عبد العزيز الدوسري الرئيس الذهبي لنادي الاتفاق، والعقل المدبر لهذا الجهد الرائع والمتواصل، ولا غرابة في هذه المنهجية المؤسسية فمن يمسك بزمام الفارس يعد أقدم رئيس ناد سعودي حاليا، ويملك سجلاً ذهبياً وحافلاً مع فريقه منذ عام 1981م، وعندما تمتزج هذه التجربة الإدارية الثرية والممتدة كل هذه السنين المثمرة مع معقل الخبرات الفنية المتوافرة في نائب الرئيس خليل الزياني، وتلتقي مع أداء جماعي لافت للفريق، وقاعدة جماهيرية عريضة في المنطقة الشرقية فإن النتيجة المؤكدة عودة اتفاق زمان إلى وضعه الطبيعي منافساً قوياً على جميع البطولات.
إذن بعد كل ذلك، وفي ظل هذا الوهج الاتفاقي المتواصل سواء في دوري زين أو بعد التأهل المستحق لنهائي كأس ولي العهد.. هل هناك أجدى من الاستثمار في فريق سيظل المادة الأبرز والأكثر ثراء لوسائل الإعلام القديم والجديد بمختلف قنواتها وصحفها وبرامجها ومنتدياتها وملتقياتها، للحديث عن سر المستويات الرائعة والثابتة، ونجاح الفكر الإداري الجديد على الرغم من غياب الدعم المالي؟
أعتقد أن فارس الدهناء بعد عودة زمنه الجميل في طريقه لهذا الجذب الاستثماري المتوقع، ولن يقتصر هذا التألق على ذلك فحسب، بل إنه قد يرسل - على غرار التصنيفات الائتمانية العالمية المربكة - تصنيفات احترافية جديدة ومحرجة لشركات ما زالت تعيش وهم الرعاية مع بعض الأندية منذ سنوات، ومع ذلك فهذه الأندية التي تحظى بكل هذا الدعم تسير من سيئ إلى أسوأ، ولا تقدم أي جدوى رياضية أو مردود اقتصادي.. فمن الأولى بالرعاية يا شركاتنا العزيزة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي