خداع الإعلام أم جماهير النصر؟

ذات يوم وبالتحديد في عام 1415هـ كان النصر متأخراً من الهلال بأربعة أهداف وبسيناريو المباراة التي أقيمت أمس الأول، حيث حضرت الأهداف بالأخطاء نفسها.. ثلاثة في الشوط الأول وهدف في بداية الشوط الثاني.. إلا أن النصر نجح في إدراك التعادل في مباراة تاريخية لن ينساها الوسط الرياضي.. فما الذي تغير؟ وما أوجه الاختلاف بين هذين اللقاءين؟
من الطبيعي أن يحدث اختلاف كبير بين المناسبتين، فالفكر الإداري السابق كان بقيادة الرمز الراحل الأمير عبدالرحمن بن سعود - رحمه الله - الذي يعد مدرسة متكاملة ترجِّح كفة أي فريق، وحينها عالج الموقف مرتكزاً على خبراته العريضة، ولقن اللاعبين بين شوطي المباراة وصفته العلاجية النفسية بمهارته الفائقة وحسه الفني الذكي، وكان المُستقبِل لهذا الكنز النفسي الموسيقار الهريفي الذي كان قائدا يستطيع ربط خطوط الفريق ببعضها بمقطوعاته الموسيقية التي تحفِّز المنظومة بأكملها، وتمتع المنافسين قبل أنصار الفريق، ولذلك لا غرابة أن تظل الجماهير النصراوية صامدة في المدرجات في تلك المباراة الشهيرة إلى نهايتها، لأن الخبرة الإدارية امتزجت بالبراعة الفنية، لذا فإن عودة الفريق لأجواء المباراة لم تكن مستغربة، وهو ما تحقق حيث انتهت بالتعادل وسط دهشة الجميع.
لكن ما رأيكم عندما تعلن الجماهير انسحابها بعد مضي 25 دقيقة كما في لقاء البارحة الأولى.. هل في ذلك غرابة؟
لم أستغرب ذلك، لأن استراتيجية الفريق تغيرت تماما، فلا الرمز موجود ولا فكره موجود، ولا القائد الفني حاضر داخل الميدان ولا من سار على خطاه حاضر، كما أن النصر أصبح مركزاً يتهافت عليه السماسرة ووكلاء اللاعبين، كل يريد نصيبه من كعكة هذا المركز التأهيلي سواء على الصعيد المالي أو الفني أو النفسي أو حتى الانضباطي، ولكم أن تتذكروا الأسماء التي تعاقدت معها إدارة الأمير فيصل بن تركي.. من صالح صديق إلى خالد عزيز، لتدركوا كيف أصبح من السهل ارتداء شعار النصر من لاعبين أحجمت عنهم الأندية التي تنافس على الهبوط؟ بل إن مكانهم الطبيعي في دوري الدرجة الأولى!
إن الضائقة المالية التي يمر بها النصر وخطة التقشف المعلنة لا تبرر أن تسير الإدارة على خط صفقات الرجيع، فما الذي يمنع من منح الثقة للاعبي الأولمبي والشباب كما تفعل أندية الهلال والأهلي والشباب والاتفاق بدلا من الدخول في متاهات هذه الصفقات المسيئة بحق كيان كبير مثل النصر، كما أن التحجج بنظرية توافر المال من عدمه ليس بمنطقي، فالاتفاق دون راع وينافس على الدوري.
ما حدث في مباراة النصر والهلال أمس الأول لا يكفيه اعتذار أو تحمل مسؤولية كما في تصريح المشرف العام على الفريق، فغياب التهيئة النفسية والمحاسبة الفنية للمدرب الذي أشرك عزيز المنقطع لأكثر من سنة أو عباس الغائب عن جو المباريات، وموافقته على الاستغناء عن عنتر والقرني.. كل ذلك يؤكد أن الإدارة أوقعت جماهير النصر في مصيدة الخداع والتضليل الإداري المتواصل فلم تعد الاستراتيجية الإدارية النصراوية المستقبلية تعتمد فقط على مجابهة الإعلام وخداعه بمعلومات مغلوطة حول الصفقات، بل امتدت لتطول جماهيرها أقرب قريب لها، وأجزم أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة من وقع الأهداف الأربعة الهلالية التي أصبحت عادة موسمية نصراوية.. فهل بعد خداع الأقربين خداع يا إدارة النصر؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي